وفي «المنتقى» : الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله إذا مسح على الجبائر ثم نزعها ثم أعادها كان عليه أن يعيد المسح عليها وإن لم يعد أجزأه، ورأيت في موضع آخر: إذا سقطت العصابة فبدلها بعصابة أخرى، فالأفضل والأحسن أن يعيد المسح عليها، وإن لم يعد أجزأه؛ لأن المسح على الأولى بمنزلة الغسل لما تحتها.
وفيه عن أبي يوسف رحمه الله: رجل به جرح يضره إمساس الماء فعصبه بعصابتين ومسح على العليا ثم رفعها، قال: يمسح على العصابة الباقية بمنزلة الخفين والجرموقين ولا يجزئه حتى يمسح.
وفي «الأصل» : إذا انكسر ظفره، فجعل عليه الدواء أو العلك، فتوضأ وقد أُمِر أن لا ينزع عنه يجزئه، وإن لم يخلص إليه الماء، ولم يشترط المسح ولا إمرار الماء على الدواء والعلك من غير ذكر خلاف، وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وشرط إمرار الماء على العلك، قال: ولا يكفيه المسح، وذكر رحمه الله أيضاً: إذا ألقى علقة على بعض أعضائه، فسقطت العلقة، فجعل الجبائر في موضع العلقة، ولا يمكنه الغسل ولا إمرار الماء يلزمه المسح، فإن عجز عن المسح أيضاً سقط فرض الغسل والمسح جميعاً، فيغسل ما حول ذلك الموضع ويترك ذلك الموضع، فإن سقطت الجبائر، فإن كان السقوط عن برء يلزمه غسل ذلك الموضع وما لا فلا.
وذكر رحمه الله أيضاً: إذا كان في أعضائه شقاق، وقد عجز عن غسله سقط عنه فرض الغسل ولزمه إمرار الماء، فإن عجز عن إمرار الماء يكفيه المسح، فإن عجز عن المسح أيضاً سقط عنه فرض الغسل والمسح، فيغسل ما حول ذلك الموضع ويترك ذلك الموضع.
قال: وإذا كان الشقاق في يده ولا يمكنه استعمال الماء، وقد عجز عن الوضوء يستعين بغيره حتى يوضئه، فإن لم يستعن وتيمم وصلى جازت صلاته عند أبي حنيفة خلافاً لهما رحمهم الله، وإذا كان الشقاق في رجله فجعل (فيه) الدواء أو الشحم أو العلك، ولا يمكنه إيصال الماء إلى قعره يؤمر بإمرار الماء فوق الدواء، ولا يكلف إيصال الماء إلى قعره ولا يكفيه المسح، وإذا توضأ وأمرَّ الماء على الدواء ثم سقط الدواء: إن سقط عن برء يفترض غسل ذلك الموضع وما لا فلا كما في المسح على الجبائر والله أعلم.
[الفصل السابع في النجاسات وأحكامها]
هذا الفصل يشتمل على نوعين:
الأول: في معرفة الأعيان النجسة وحدّها، فنقول: الأعيان النجسة نوعان: مائع وغير مائع، وكل نوع على قسمين: نجس باعتبار نفسه، ونجس باعتبار غيره وسنذكر ههنا بعضها، وبعضها في كتاب الصلاة.