قال القدوري رحمه الله في «كتابه» : كل ما يخرج من بدن الإنسان مما يوجب الوضوء أو الغسل فهو نجس، كالغائط والبول والدم والمني وغير ذلك، وقال الشافعي رحمه الله: المني طاهر لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّموهو يصلي» ، والمراد: حال الصلاة كما يقال فلان دخل الدار وهو راكب، ولأنه أصل الآدمي يجب أن يكون طاهراً كرامة له، ولهذا اكتفي بالفرك، ولنا قوله عليه السلام في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه:«إنما يغسل الثوب من خمسة من البول والغائط والمني والقيء والدم» ، وهو دليل على نجاسته إلا أنه اكتفى فيه بالفرك، إما لأنه شيء لزج لا يداخل أجزاء الثوب كثيراً، وإنما يصيب ظاهره، وذلك يزول بالفرك، ولا يبقى منه إلا شيء قليل، وإنه عفو، أو لمكان الحرج، فإن إصابة المني اليابس إنما تكون باعتبار أن الجماع غالباً إنما يكون في الثياب ويتعذر صيانة الثياب عنها، فلو كلف الغسل عند كل إصابة يؤدي إلى الحرج، فسقط اعتباره وأقيم الفرك مقامه.
والأرواث والأخثاء كلما نجسة، وقال زفر ومالك: كلها طاهر، حجتهما أن الأرواث وقود أهل الحرمين فإنهم يطبخون ويخبزون به ولو كان نجساً لما انتفعوا (بها) ، وروي أن الشبان من الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا نزلوا في أسفارهم يترامون بالأبعار ويتلاعبون بها، فلو كان نجساً لما استعملوها، وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:«طلب مني رسول الله صلى الله عليه وسلّمأحجار الاستنجاء ليلة الجن؛ فأتيته بحجرين وروثة فأخذ الحجرين ورمى بالروثة، وقال: إنها رجس» أي نجس، وروى المعلى عن محمد رحمه الله أنه قال: الروث لا يمنع جواز الصلاة وإن كان كثيراً فاحشاً، قيل: هذا آخر قوله رجع إلى هذا القول حين طلع مع الخليفة إلى الري، ورأى أسواقهم وسككهم مملوءة من الأرواث، فرجع إلى هذا القول لدفع البلوى.r
قال مشايخنا على قياس هذه الرواية لا يمنع جواز الصلاة وإن كان كثيراً فاحشاً، مع أن التراب مخلوط في العذرات دفعاً للبلوى، وكان الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمه الله لا يعتمد على هذه الرواية، وكان يقول البلوى إنما تكون في النعال والنعال مما يمكن خلعها، وقد اعتاد الناس خلع النعال، وليس فيه كثير ضرورة والصلاة بغير النعل أحمد، والكثير الفاحش فيه يمنع جواز الصلاة.
وقد ذكرنا خرء ما يؤكل لحمه من الطيور (٢٧ب١) كالحمامة والعصفور والبط والحدأة.