شرائط وجوب الحج: العقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة، وتكلموا في تفسير الاستطاعة.
قال أبو حنيفة رحمه الله في «ظاهر الرواية» : تفسيرها ملائمة البدن وملك الزاد والراحلة، وهو رواية عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله.
وقال أبو يوسف ومحمد في «ظاهر الرواية» : تفسيرها ملك الزاد والراحلة لا غير، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله، حتى إن في «ظاهر الرواية» عن أبي حنيفة رحمه الله: لا يجب الحج على الزّمِن، والمفلوج، والمقطوع الرجلين، وإن ملكوا الزاد والراحلة وهو رواية عنهما، وفي ظاهر روايتهما يجب الحج على هؤلاء، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة إذا كان ملكه من الزاد والراحلة قدر ما يحج به، ويحج معه من يرفعه ويقوده إلى المناسك وإلى حاجته، وفائدة هذا الخلاف إنما تظهر فيما إذا ملك هؤلاء الزاد والراحلة، ففي ظاهر رواية أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجب عليهم الإحجاج بمالهم؛ لأن الإحجاج بالمال بدل عن الحج بالبدن ولم يجب (١٦٧ب١) عليهم الحج بالبدن لمكان العجز فكيف يجب عليهم البدل؟ وفي ظاهر روايتهما يجب؛ لأنه لزمهم الأصل وهو الحج بالبدن في الذمة، وقد عجزوا عنه فيلزمهم البدل.
ولو ملك الزاد والراحلة وهو صحيح البدن فلم يحج حتى صار زمناً أو مفلوجاً، لزمه الإحجاج بالمال بلا خلاف؛ لأن الحج قد لزمه في الذمة بلا خلاف لوجود الشرط، وهو الاستطاعة، وقد وقع العجز عن الأداء بنفسه فيلزمه البدل.
وأما الأعمى إذا وجد الزاد والراحلة ولم يجد قائداً يقوده، أجمعوا على أنه لا يلزمه الأداء بنفسه.
وهل يلزمه الإحجاج بالمال؟ فهو على الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله.
وفي «المنتقى» : عن أبي عاصم قال: سمعت أبا عصمة الكبير قال: سمعت إبراهيم بن رستم وأبا سليمان في المرأة والأعمى لهما مال ليس لهما من يخرجهما إلى الحج قال أحدهما عن محمد: الحج واجب عليهما ويستأجر الأعمى من يخرجه ويقود المرأة المحرم حتى يخرجها، وقال الآخر: ليس عليها حج، وإذا وجد الأعمى قائداً يقوده إلى الحج ووجد مؤنة القائد فعلى قول أبي حنيفة في المشهور لا يلزمه على قياس الجمعة،
وذكر الحاكم الشهيد في «المنتقى» أنه يلزم الحج عنده، فأما على قولهما فقد ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» أن على قياس قولهما في الجمعة يلزمه، وهكذا ذكره