ومن ادعى حقاً في عين في يد إنسان، وذو اليد يدعى أنه ملك له ينتصب خصماً للمدعي وإن قال المولى: أودعني هذه الجارية عبدي فلان، ولا أدري أوهبتها له أم لا، فأقام المدعي بينة على الهبة، فالمولى خصم؛ لأن المولى يزعم أن ما في يده ملكه، فينتصب خصماً لمن يدعي أنه ملكه، والله أعلم.
[الفصل الحادي والثلاثون: في نصب الوصي والقيم وإثبات الوصاية عند القاضي]
وإذا ترك الرجل مالاً في البلدة التي فيها، وورثته في بلدة أخرى، فادعى عليه قوم حقوقاً وأموالاً، هل ينصب القاضي عن الميت وصياً ليثبت الغرماء الديون والحقوق على الميت؟ ذكر الخصاف في «أدب القاضي» أن هذه البلدة إن كانت منقطعة عن تلك البلدة، ولا يذهب الغير من ههنا إلى ثمة، ولا يأتي كتاب، للقاضي أن ينصب وصياً.
وذكر الخصاف في «نفقاته» في باب نفقة المرأة إذا مات الرجل، ولم يوصي إلى أحد، وله أولاد صغار وكبار، فالقاضي ينصب وصياً في ما له.
قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وللقاضي أن ينصب الوصي في مال الميت في ثلاث مواضع.
أحدها: أن يكون على الميت دين، أو يكون الورثة صغار، أو يكون الميت أوصى بوصايا، فينصب وصياً لينفذ وصاياه، فإنما ينصب الوصي في هذه المواضع، وفيما عداها فلا. وما ذكر الخصاف في «أدب القاضي» : لا يخالف ما ذكره شمس الأئمة الحلواني رحمه الله؛ لأن المراد مما ذكره شمس الأئمة نصب الوصي لقضاء الدين، والمراد مما ذكر الخصاف ونصب الوصي لإثبات الدين.
وإذا هلك الرجل وترك عروضاً وعقاراً، وعليه ديون وله ورثة كبار، فامتنعت الورثة عن قضاء الدين وعن بيع التركة، وقالوا لرب الدين سلمها التركة إليك وأعلم به فالقاضي هل ينصب وصياً للميت؟ فقد قيل: ينصب، وقد قيل: لا ينصب، ويأمر الورثة بالبيع، فإن أبوا حبسهم حتى يبيعوا، وهذا القائل يقيس هذا على العدل في باب الرهن إذا كان سلطان على البيع وأبى البيع فالقاضي يجبره على البيع بالحبس؛ لأنه امتنع عن إيفاء ما هو مستحق عليه كذا هنا، فإذا حبسه القاضي ولم يبع الآن يبيع بنفسه أو ينصب وصياً للميت ليبيع الوصي إيفاء صاحب الدين بقدر الممكن، وسئل شمس الإسلام الأوزجندي رحمه الله عمن مات ولم يترك شيئاً، وعليه دين وأراد الغريم إثبات دينه فله ذلك، يقيم البينة على الورثة إن كان له ورثة وكانوا حضوراً، وإن لم يكن له ورثة إذا كانوا غيباً، فالقاضي ينصب له وصياً حتى يثبت الدين عليه، وهذا الجواب يخالف ما ذكره الخصاف رحمه الله في المسألة المتقدمة.
وإذا انصب القاضي وصياً في تركة الأيتام والأيتام في ولايته، ولم تكن التركة في ولايته أو كانت التركة في ولايته، حكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه