يجحد، فإن كان مولاه حاضراً قطع عندهم جميعاً، وهل يضمن السرقة إن كان استهلكها؟ لا يضمن، وإن كانت قائمة ردها على المسروق منه، وإن كان المولى غائباً لا يقطع العبد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، ويضمن السرقة الخصم في القطع المولى والعبد، والخصم في مال العبد، وعند أبي يوسف رحمه الله يقضي بالقطع؛ لأن الخصم في حق القطع العبد لا غير والعبد حاضر وإن كان الشهود شهدوا بسرقة أقل من عشرة دارهم قضى القاضي بالمال، ولا يقضي بالقطع سواء كان المولى حاضراً أو غائباً.
وإن كان الشهود شهدوا على إقرار المأذون بسرقة عشرة دراهم والمولى غائب، فالقاضي يقضي بالمال على العبد، ولا يقضي بالقطع في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وقال أبو يوسف رحمه بالله: يقضي بالقطع ولو شهدوا على عبد محجور بسرقة عشرة دراهم أو أكثر، فإن كان المولى غائباً، فالقاضي لا يقضي عليه بشيء لا بالقطع ولا بالمال عند أبي حنيفة ومحمد رحمها الله؛ لأن الخصم في حق القطع العبد لا غير، والعبد حاضر وإن كان الشهود شهدوا على إقرار العبد المحجور بالسرقة، فالقاضي لا يقبل هذه البينة أصلاً، إن كان المولى غائباً وإن كان حاضراً لا يسمع البينة على المولى حتى لا يقطع العبد، ولا يؤاخذ المولى ببيعه لأجل المال، ولكن يؤاخذ العبد به بعد العتق.
وإذا وهب الرجل لعبد رجل جارية، ثم أراد الدخول فيها، واختصموا إلى القاضي، ومولى العبد غائب فإن كان العبد مأذوناً فالقاضي يقضي له بالرجوع، وإن كان محجوراً لا يقضي له بالرجوع ما لم يحضر المولى.
أما الأول فلأن الواهب يدعي حقاً فيما في يد المأذون من كسبه، ويده يد معتبرة على ما في يده، ولهذا لو باع ما في يده يجوز، فكان رجوع الواهب إبطال يد العبد فكان هو الخصم في ذلك، فلا يشترط حضرة المولى.
وأما الثاني فلأن يد المحجور على ما في يده ليست بيد معتبرة، ألا ترى أنه لو باع ما في يده لا يجوز، بل يده يد المولى حكماً، فكان رجوع الواهب إبطال يد المولى حكماً، فيشترط حضرة المولى، فإن قال العبد: أنا محجور، وقال الواهب: أنت مأذون، ولي أن أرجع فيها قبل حضور مولاك، فالقول قول الواهب مع يمينه استحساناً؛ لأن الهبة حين وقعت وقعت موجبة للرجوع، فالعبد بقوله: أنا محجور يدعي تأخير حق الواهب في الرجوع إلى أن يحضر المولى، والتأخير نوع إبطال، فكان القول قول الواهب، وإن أقام العبد البينة أنه محجور لا تقبل بينته، هذا إذا كان المولى غائباً والعبد حاضر، فإن كان المولى حاضراً والعبد غائب، فإن كان الموهوب في يد العبد لم يكن المولى خصماً، لأن الواهب لا يدعي على المولى عيناً في يده، ولا حقاً في عين في يده ولا ديناً في ذمته، والإنسان إنما ينتصب خصماً لغيره، يأخذ هذه الوجوه، وإن كانت الهبة في يد المولى، فهو خصم، لأن المولى يزعم أن ما في يده ملكه؛ لأن الموهوب من العبد ملك المولى إذا لم يكن على العبد دين، ولم يعرف دين هنا.