بذكرالعوض دلالة وعند بقاء الثمن لا يمكن أن يجعل تبعاً بذكر الثمن دلالة إذ لا قوام للدلالة عند وجود الصريح بخلافها.
وفي رواية قال: ينعقد؛ لأن النفي منه لم يصح؛ لأنه نفي حكم العقد فصار وجود هذا النفي والعدم سواء، فكأنه سكت عن ذكر الثمن، ولو باع بالميتة أو الدم أو الربح، فالبيع باطل، وروي عن محمد إذا قال: أبيعك بما ترعى إبلي في أرضك أو بما تشرب من ماء بئرك أنه بيع منعقد؛ لأنه سمى شيئاً متقوماً، فإنه لو قطع الحشيش أو استقى الماء في إناء وباعه يجوز، ولكون المسمى ماء قلنا بالانعقاد، ولكونه مجهولاً قلنا بالفساد، وبخلاف الفصل الأول؛ لأن المسمى هناك ليس بمال أصلاً.
وكذلك لو باع عبد الجارية من جواري المشتري، ولم يبينها فهو بيع منعقد، ولو قال: أبيعك بالكعبة فهو بيع باطل؛ لأن المسمى ليس بمال، وإذا باع شيئاً بمكاتب أو مدبر أو أم ولد فهو بيع منعقد؛ لأن المالية ثابتة في هذه المحال، وإنما حرم بيعها بحق محترم لا لانعدام المالية وإنه لا يمنع انعقاد العقد بوصف الفساد والله أعلم.
[الفصل السابع: في الشروط التي تفسد البيع والتي لا تفسد]
يجب أن يعلم بأن (٥٩ب٣) الشرط الذي يشترط في البيع لا يخلو إما إن كان شرطاً يقتضيه العقد، ومعناه أن يجب بالعقد من غير شرط وأنه لا يوجب فساد العقد كشرط تسليم المبيع على البائع، وشرط التسليم الثمن بالثمن على المشتري، وهذا لأن اشتراط ما يجب بالعقد من غير شرط له؛ ولأنه لا يفيد شيئاً، فصار وجوده كعدمه، فكأنه لم يشترط شيئاً فيجوز البيع، وإن كان شرطاً لا يقتضيه العقد على التفسير الذي قلنا؛ إلا أنه يلائم العقد، ونعني به أنه يؤكد موجب العقد إذ تأكيد موجب الشيء يلائم ذلك الشيء، وذلك كالبيع بشرط أن يعطي المشتري كفيلاً بالثمن، والكفيل معلوم بالإشارة أو التسمية حاضر مجلس العقد، فقبل الكفالة، أو كان غائباً عن مجلس العقد، فحضر قبل أن يتفرقا وقبل الكفالة جاز البيع استحساناً، والكفالة إن لم تكن من مقتضيات البيع إلا أنها تؤكد موجب العقد، فما يؤكدها يكون ملائماً للعقد، فلا يؤثر في فساد العقد.
وكذلك البيع بشرط أن يعطي المشتري بالثمن رهناً والرهن معلوم بالإشارة أو التسمية جاز البيع استحساناً، وإن لم يكن الرهن من مقتضيات العقد؛ لأن الرهن يؤكد موجب العقد؛ لأن الرهن شرع وعقد وهو مؤكد لجانب الاستفاء، ولهذا اختص جوازه بالأموال القابلة للاستيفاء الثمن موجب العقد فما يؤكده يلائم موجب العقد.
قال الشيخ الإمام شيخ الاسلام المعروف بخواهر زاده في «شرحه» : فرّق محمد بين الكفيل وبين الرهن، فشرط حضرة الكفيل مجلس البيع، وقبول الكفالة بجواز البيع، ولم يشترط حضرة الرهن بجواز البيع وإنما شرط العلم به.