حصل الرد قبل القبض أو بعد القبض، بتراضيهما أو بغير تراضيهما؛ لأن الرد بهذه الأسباب فسخ من كل وجه في حق الناس كافة.
وإن اشترى الرجل داراً أو أرضاً فسلم الشفيع الشفعة، ثم إن البائع والمشتري تصادقا أن البيع كان تلجئة ورد المشتري على البائع لا يتجدد للشفيع حق الشفعة، وكان ينبغي أن يتجدد؛ لأن إقرارهما بالتجلئة لا يعتبر في حق الشفيع.
ألا ترى أنهما لو أقرا بذلك قبل تسليم الشفعة لا يعتبر إقرارهما في حق الشفيع حتى كان للشفيع أن يأخذ الدار كذا هاهنا.
وإذا لم يعتبر إقرارهما لم تثبت التلجئة في حق الشفيع فكان الرد بسبب التلجئة فسخاً للعقد في حقه لا رداً بالتلجئة والفسخ متى حصل بالتراضي يتجدد للشفيع حق الشفعة، والجواب إنما لم يعمل إقرارهما بالتلجئة في حق الشفيع قبل تسليم الشفعة؛ لأن البيع الصحيح ظاهر أو ثبت للشفيع حق الشفعة، فهما بهذا الإقرار يريدان إبطال حقه؛ فأما بعد تسليم الشفعة لم يبق للشفيع (١٧٧ب٣) حق أصلاً، فإقرارهما لا يتضمن بطلان حقه فتثبت التلجئة بإقراره، فكان الرد بسبب التلجئة فلا يتجدد به حق الشفعة.l
في «المنتقى» : رجل اشترى داراً وقبضها وسلم الشفيع الشفعة، ثم إن المشتري قال: إنما كنت اشتريتها لفلان، وقال الشفيع بل اشتريتها لنفسك، وهذا منك بيع مستقبل وأنا آخذها بالشفعة بهذا البيع، فالقول قول الشفيع، وإن كان فلاناً غائباً لم يكن للشفيع أن يأخذ الدار حتى يقدم الغائب من قبل أن الشفيع يدعي أن هذا باع الدار من الغائب، وليس للشفيع أن يأخذ الدار من البائع حال غيبة المشتري.
وإن قال المشتري: أنا أقيم البينة أن فلاناً كان أمرني بذلك، وإني إنما اشتريتها له لم يقبل بينته على ذلك حتى يحضر فلان.
ومما يتصل بهذا الفصل
إذا انفسخ العقد فيما بين البائع والمشتري بسبب هو فسخ من كل وجه لا يبطل حق الشفيع؛ لأن حق الشفعة يعتمد وجود البيع لا بقاؤه والله أعلم بالصواب.
[الفصل السابع عشر: في شفعة أهل الكفر]
الكافر والمسلم في استحقاق الشفعة سواء؛ لأنهما في سبب استحقاق الشفعة سواء. وإذا اشترى النصراني داراً بميته أو دم، فلا شفعة للشفيع؛ لأن الميت والدم ليس بمال في حقهم، فالشراء حصل بما ليس بمال فلا ينعقد، وهذا بخلاف ما لو اشترى بخمر أو خنزير؛ لأن ذلك مال في حقهم، فالشراء حصل بما هو مال فينعقد.
اشترى الذمي داراً بخمر وتقابضا ثم صار الخمر خلاً ثم أسلم البائع والمشتري، ثم استحق نصف الدار وحضر الشفيع أخذ النصف بنصف قيمة الخمر ولا يأخذ بنصف الخل؛