في كل يوم لا على معاينة القبض، والأخذ كيف يمكنهم الإشارة إلى دراهم معينة محضرة، فأي فائدة في ذكر إحضار الدراهم؟ وقد ذكرنا هذا الكلام غير مرة.
[محضر في دعوى الوصية بالثلث]
وصورته: ادعى الموصى له على واحد من الورثة أن الميت قد كان أوصى بثلث ماله حال حياته عاقلاً بالغاً، وأحضر في مجلس الدعوى خاتماً من ذهب فصه من فيروزج، وادعى على الوارث أن هذا الخاتم من جملة التركة التي خلفها الميت، وإنه في يدك، فواجب عليك دفع الثلث المشاع من هذا الخاتم إلي بحكم الوصية، وأنكر الوارث الوصية، فأقام المدعي بينة على وفق دعواه، واستفتوا عن صحة الدعوى، فأفتوا بفساد هذه الدعوى، واختلفوا في علة الفساد، بعضهم قالوا: لم يذكر في المحضر أنه أوصى طائعاً، ويحتمل أنه كان مكرهاً في الإيصاء، والوصية مع الإكراه باطلة، وبعضهم قالوا: طلب تسليم الثلث المشاع من الخاتم، وذلك لا يتصور، والصحيح هو الأول؛ لأن تسليم الجزء الشائع متصور بتسليم الكل.
[محضر فيه دعوى النكاح على امرأة]
وصورة ذلك: ادعى فلان على فلانة أنها منكوحته، وحلاله بسبب أنه تزوجها على مهر معلوم بمشهد من الشهود العدول بتزويجها نفسها منه، وأنها خرجت عن طاعته، فواجب عليها الانقياد له في أحكام النكاح، وقد كان جواب المرأة أن انقيادها له في أحكام الشرع غير واجب عليها من قبل أنه طلقها ثلاث تطليقات، وأنها محرمة عليه بالطلقات الثلاث، وأثبت ذلك بالبينة على سبيل دفع دعواه النكاح عليها، وقد كان أبى الرجل بدفع الدفع أنها مبطلة في دعوى الدفع، وأن دعواها الدفع ساقطة من قبل أنها أقرت قبل دعواها الدفع هذه أنها اعتدت من بعد الطلقات الثلاث، وتزوجت بزوج آخر ودخل بها ذلك الزوج، ثم طلقها، واعتدت منه أيضاً، وكان دعوى انقضاء العدتين منها في مدة يتصور في مثلها انقضاء العدتين، ثم تزوجت بهذا الزوج بمهر معلوم، بمشهد من الشهود العدول، وإنها اليوم امرأته، وكان على المحضر جواب (٢٧١أ٤) مشايخ سمرقند وكتابهم بالصحة، واتفق مشايخ بخارى أن المحضر غير صحيح من المدعي، وبينوا لذلك وجهاً، فقالوا: الزوج ادعى إقرار المرأة بهذه الأشياء، ودعوى الإقرار على المدعى عليه بالشيء غير صحيح، والمدعي المذكور في شرح «أدب القاضي» ، وعندي أن ما ذكروا من بيان وجه الفساد ليس بصحيح، وهذا لأن الزوج لا يدعي النكاح عليها بحكم إقرارها، بل يدعي النكاح مطلقاً، وإنما دعوى الإقرار لبيان كونها مطلقة في دعوى الدفع، ودعوى الإقرار إنما لا يسمع لإثبات استحقاق المدعى به بالإقرار إما لأبطال الدعوى في مقام الدفع فصحيح، وإليه أشار في آخر «الجامع» وقد ذكرنا المسألة قبل مشروحه والله أعلم.