الثانية، فلم يزرعها لا يسقط عنه الخراج، ويؤيده مسألة «النوادر» على ما تقدم ذكرها.
وذكر القاضي الإمام المظفر رحمة الله عليه في «شرح كتاب العشر والخراج» أن الخراج إنما يسقط بهلاك الغلة إذا كان الهلاك بآفة سماوية لا يمكن التحرز عنها، كالحرق والغرق والبرد وغيرها، أما إذا كان الهلاك بآفة يمكن الاحتراز عنها، كأكل السبع ونحو ذلك، لا يسقط الخراج؛ لأن التقصير جاء من قبل صاحب الأرض، حيث لم يحفظ.
وبعض مشايخنا قالوا: لا خراج، وإن هلك بآفة يمكن التحرز عنها، والقول الأول أصح، ويسقط خراج الأراضي الموت من عليه إذا كان خراج وظيفة، في ظاهر الرواية من أصحابنا، وروى ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه لا يسقط، ورفع الفرق بين الخراج وبين العشر على ظاهر الرواية، وعلى رواية ابن المبارك عن أبي حنيفة، فإن العشر لا يسقط بموت من عليه في ظاهر رواية أصحابنا، وفي رواية ابن المبارك عن أبي حنيفة يسقط، أما الفرق على رواية ابن المبارك أن العشر عبادة نظير الزكاة، ثم الزكاة تسقط بالموت، فكذا العشر، أما الخراج فليس بعبادة، بل مؤنة محضة والمؤنة لا تسقط بالموت، وأما الفرق على ظاهر الرواية، أن الخراج صلة تستحق على صاحب الأرض؛ لأن صاحب الأرض لا يسلم له عوض بإزاء ما يعطي، فيشبه من هذا الوجه نفقة الزوجات، فإنها تسقط بالموت، فكذا الخراج.g
فأما العشر فليس بصلة، بل هو في معنى الأعواض؛ لأن الخارج يجب شركاً بين صاحب الأرض، وبين الفقير، وما كان عوضاً لا يسقط بالموت كثمن المبيع، وما أشبهه.
وفي «الفتاوى» : إذا جعل الرجل أرضه الخراجية مقبرة، أو خاناً للغلة، أو مسكناً للفقراء سقط الخراج؛ لأن سبب الخراج أرض تصلح للزراعة، وقد انعدمت الصلاحية، فيسقط ضرورة.
خراج الأراضي إذا توالى على المسلمين سنون: فعند أبي يوسف ومحمد: يؤخذ بجميع ما مضى، وعند أبي حنيفة لا يؤخذ إلا بخراج السنة التي هو فيها، والاختلاف هنا نظير الاختلاف في الجزية، هكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرح السير الصغير» ، وذكر صدر الإسلام: الصحيح أنه يؤخذ.
[الفصل السابع في تعجيل الخراج]
ذكر محمد رحمه الله في «نوادر الزكاة» : إذا جعل خراج أرضه لسنة أو سنين، فإنه يجوز؛ لأنه أدى الواجب بعد انعقاد سبب الوجوب؛ لأن سبب وجوب الخراج الأرض النامية، ومحله الذمة، وقد وجدنا بعقد السبب كما في باب الزكاة.
في «المنتقى» : رجل عجل خراج أرضه، ثم غرقت الأرض في تلك السنة، قال: يرد عليه ما أدى من خراجه، فإن زرعها في السنة الثانية حسب له، وعن محمد: في رجل أعطى خراج أرضه لسنين، ثم غلب عليها الماء، وصارت دجلة قال: يرد عليه إذا كان