وفيه أيضاً: وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن غاب عن زوجته غيبة منقطعة ولم يخلف نفقتها فرفع الأمر إلى القاضي فكتب القاضي إلى عالم يرى التفريق بالعجز عن النفقة ففرّق بينهما هل يصح؟ قال: نعم إذا تحقق العجز، قيل فإن كان للزوج ههنا عتاد ومتاع وأملاك هل يتحقق العجز؟ قال: نعم إذا لم يكن جنس النفقة؛ لأن بيع هذه الأشياء للنفقة لا يجوز؛ لأنه قضاء على الغائب هكذا نقل عنه وفيه نظر، والصحيح: أنه لا يصح قضاؤه إذ العجز لا يعرف حالة الغيبة لجواز أن يكون في يديه مال وهو يقدر على أن يبعث إليها بنفقتها، فلا يبعث فيكون هذا ترك الإنفاق لا العجز عن الانفاق وترك الإنفاق، من الحاضر لا يوجب التفريق بالاتفاق فمن الغائب أولى فلم يكن قضاؤه في المجتهد فلا ينفذ.
فإن رفع قضاءه إلى قاض حنفي فأجاز قضاءه هل ينفذ ذلك القضاء؟ والصحيح: أنه لا ينفذ؛ لأن هذا الفصل ليس بمجتهد لما ذكرنا أن العجز لم يثبت.
[الفصل السادس والعشرون: في المتفرقات]
في «المنتقى» عن محمد رحمه الله ليس للرجل أن يزوج أمة ابنه الصغير من عبد ابنه الصغير. وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف رحمه الله: الوصي يزوج أمة اليتيم من عبد اليتيم وكذلك الأب؛ ابن سماعة عن محمد: تزوج امرأة على الألف التي له على فلان فالنكاح جائز فإن مات أخذ الزوج بالألف، وإن شاءت أخذت فلان، ويأخذ الزوج حتى يوكلها بقبضها منه.
وعنه أيضاً: إذا قال لامرأته: تزوجتك على الألف التي لي على فلان أتى ببينة ورضيت بذلك، فإذا أخذت زوجها بالألف أخذته إلى بينة.
إبراهيم عن محمد رحمه الله: إذا قال الرجل لغيره: زوجتك أمتي هذه وبعتك عبدي هذا بألف درهم، فقال هذا الغير: قبلت البيع ولا أقبل النكاح فهو باطل.
رجل جاء إلى معتدة الغير وقال: أنفق عليك ما دمت في العدة على أن تزوجي نفسك مني إذا انقضت عدتك، فرضيت به المرأة فأنفق عليها، حتى انقضت عدتها كان له أن يرجع عليها بما أنفق زوجت نفسها أو لم تزوج. وفي «فتاوى الفضلي» لأنها رشوة معنًى، والسبيل في الرشوة (الرد، تزوج) أو لم يزوج في «فتاوى الردة» ، وحكي عن بعض المشايخ أن الزوج إنما يرجع إذا شرط الرجوع عند الإنفاق بأن قال: أنفق عليك بشرط أن تزوجيني نفسك مني، فإن لم تفعلي أرجع عليك بما أنفقْ أما بدون شرط الرجوع لا يكون له حق الرجوع والأول أصح (٢٢٧أ١) هذا إذا أنفق عليها بشرط التزوج، فأما إذا أنفق عليها من غير هذا الشرط ولكن عُلِمَ عُرفاً أنه ينفق بشرط أن تزوج نفسها منه اختلف المشايخ فيه، منهم من قال: يرجع على قياس ما ذكره الفضلي؛ لأن المعروف كالمشروط