للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز؟ قال للسائل: هل أخذ القاضي الأول على هذه الحادثة شيئاً، قال: نعم، قال: إذا قضى الثاني باطل؛ لأن القاضي إذا أخذ على القضاء مالاً، فقد عمل لنفسه فلم يكن قضاء فلم ينفذ.r

قيل: إن أخذ القاضي من صاحب الحادثة أجر مثل الكتابة هل يصح الحكم من المكتوب إليه، قال: نعم، وإن لم يأخذ القاضي هذا القدر من الأجر كان أفضل. قيل: وهل يحتاج لصحة ذلك إلى إجازة القاضي الأول، قال: العرف على هذا أنه يرفع إليه، ولكن في الحكم لا حاجة إلى ذلك لأنه فعل بأمره.

وفي «مجموع النوازل» : سئل شيخ الإسلام أبو الحسن عطاء بن حمزة رحمه الله عن رجل غاب عن امرأته غيبة منقطعة وقد كان النكاح بينهما بشهادة الفسقة هل يجوز إلى القاضي أن يبعث للقاضي الشفعوي ليبطل هذا النكاح بهذا السبب. قال نعم، وللقاضي الحنفي أن يفعل ذلك نفسه أخذاً بهذا المذهب، وإن لم يكن هذا مذهبه، فقد ذكر في «الكتاب» القاضي إذا قضى بشيء ثم ظهر أنه قضاء بخلاف مذهبه إنه ينفذ قضاؤه، وقد ذكرنا هذه المسألة من قبل. قال فروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه صلى بالناس للجمعة ثم أخبر بوجود الفأرة في بئر الحمام وقد كان اغتسل فيه وكان ذلك بعد تفرق الناس فقال نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة أن الماء إذا بلغ قلتين لا يحمل خبثاً ولم يكن مذهبه.

وفيه أيضاً: وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن تزوج امرأة بغير ولي وطلقها ثلاثاً بعدما وطئها ثم تزوجها ثانياً بتزويج الولي وارتفعا إلى القاضي وقضى القاضي بأن النكاح الأول لم يقع صحيحاً لعدم الولي وأن الطلقات الثلاث لم تقع، وأن النكاح الثاني بتزويج الولي الأول قد صح هل يصح قضاء القاضي على هذا الوجه، قال: لا أرى ذلك؛ لأن محمداً رحمه الله هو الذي يشترط الولي ثم هو يقول في الكتاب: لو طلقها ثلاثاً ثم أراد أن يتزوجها، فإني أكره له ذلك، وفيه نظر، لأن الشافعي فيه مخالف فإنه بانعقاد النكاح بدون الولي، فيكون قضاء القاضي، في مُجتَهَدٍ فيه، ولكن على خلاف رأي القاضي، وإنه صحيح على قول أبي حنيفة رحمه الله على ما مر، قيل له: فإن كتب الحنفي بذلك إلى عالم شفعوي لا يرى انعقاد النكاح بدون الولي حتى يعقد فيما بينهما ثم يقضي القاضي بذلك قال: إن أخذ القاضي المكاتب.... المكتوب إليه مالاً من المقضي له لا يصح ذلك، وقد مثّل هذا، قيل له: إن لم يأخذ بذلك شيئاً وقضى المكتوب إليه بذلك هل يصح قضاؤه؟ قال نعم.

قيل له: وهل يظهر له بذلك القضاء أن الوطء في النكاح الأول كان ضداناً أو فيه شبهة، وإن كان بينهما ولد هل يكون فيه خبث قال لا لأنهما حنفيّان يعتقدان صحة ذلك النكاح، وقضاء هذا القاضي كان لما في حق إبطال الطلقات الثلاث، فلا يتعدى عنهما إلى حكم آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>