مقام الأم فأخذ المولى بدل الكتابة منه بمنزلة أخذه منها، ولو أخذ المولى بدل الكتابة من الأم كان المأخذ سالماً للمولى، والغرماء يتبعون المكاتبة بديونهم فكذا في الولد وإن اكتسب الولد أموالاً (٣٥١ب١) قبل أداء المكاتبة فنصف الكسب للمولى بعد الدين؛ لأن الولد بمنزلتها، وقد بينا أن نصف كسبها للمولى بعد الدين فكذا في الولد وإذا كاتب أمته فاستدانت سعت في جمعه لأن نصفها مكاتب ونصفها مأذون له والحكم في دين المكاتب والمأذون ما ذكرنا والله أعلم.
[الفصل الثالث عشر في الاختلاف الواقع بين المولى والمكاتب]
وإذا كاتب الرجل عبده ثم اختلف المولى والعبد في بدل الكتابة فقال العبد: كاتبني على ألف درهم وقال المولى: كاتبتك على ألفين. أو اختلفا في جنس المال كان أبو حنيفة رحمه الله أولاً يقول: يتحالفان وهو قولهما؛ لأنهما اختلفا في بدل عقد فقال؛ ويفسخ فصار كالبيع والإجارة ثم رجع وقال: القول قول العبد مع يمينه، وعلى المولى البينة؛ لأن التحالف في باب البيع عرف بالنص، والكتابة ليست في معنى البيع فالنص الوارد في البيع لا يكون وارداً في الكتابة ثم إذا جعل القاضي القول قول المكاتب مع يمينه والذمة ألف درهم أقام المولى بعد ذلك بينة على أنه كاتبته على ألفين لزمه ألفان وسعى فيهما لأنه لا قوام لليمين إذا جاءت البينة بخلافها، وإن لم يقم المولى بينة على ذلك وأدى العبد ألف درهم وقضى القاضي بعتقه ثم أقام السيد البينة بعد ذلك على أنه كاتبه على ألفين فالقياس أن لا يعتق ما لم يؤد ألفين؛ لأنه ظهر بالحجة أن عتقه معلق بإزاء الألفين.
وفي الاستحسان هو حر وعليه ألف درهم أخرى؛ لأن قضاء القاضي يعد ظاهراً؛ لأنه صدر عن دليل شرعي وهو اليمين، وقد وقع الشك في نقضه؛ لأن شهود المولى شهدوا بكتابة العبد على ألفين لا غير، ومن الجائز أنه كاتبه على ألفين على أنه حر متى أدى ألفاً والألف الأخرى عليه بعد العتق، وعلى هذا الاعتبار لا يجوز بعد القضاء، ومن الجائز أنه لم يقل على أنه حر متى أدى ألف درهم، وعلى هذا الاعتبار يجوز نقض القضاء، ومطلق الشهادة بالكتابة يحتمل الأمرين فهو معنى قولنا: وقع الشك في نقض القضاء فلا ينقض بالشك بخلاف ما لو أقام البينة قبل قضاء القاضي بالعتق إن كاتبه على ألفين على أنه متى أدى ألفاً فهو حر والألف الأخرى عليه بعد العتق يجب القضاء بالعتق.
وإن لم يقل على أنه متى أدى ألف درهم فهو حر لا يجب القضاء بالعتق فلا يجب القضاء بالعتق بالشك والاحتمال ولو قال المولى: كاتبتك على ألفين، وأقام البينة على ذلك، وأقام العبد بينة على أنك كاتبتني على ألف درهم إن أديتها فأنا حر، فالقاضي يقضي على العبد بألف درهم، وإن أدى ألف درهم، فإنه يعتق وعليه ألف أخرى بعد العتق.