حرية اليد للحال إلى حرية الرقبة عند أداء بدل الكتابة فيجعل هذا كالمنصوص عليه عند العقد، ولو نص على هذا الشيء أنه يعتق عند الأداء فكذا إذا لم ينص عليه، وصار معناه هذا.
ثم الكتابة إن كانت حالة فللمولى أن يطالب المكاتب بالبدل كما فرغ من العقد، كما ذكرنا أن البدل في الكتابة معقود به كالثمن في باب البيع، ثم الثمن في باب البيع إذا كان حالاً كان للبائع مطالبة المشتري كما فرغ من العقد فكذا هاهنا، وإن كانت مؤجلة منجمة فإما يطالبه بحصة كل نجم بحل ذلك النجم.
ومما يتصل بهذا الفصلالألفاظ التي تقع بها الكتابة
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : رجل قال: لعبده قل جعلت عليك ألفاً تؤديها إلي نجوماً أول النجم كذا وآخر النجم كذا فإذا أديتها إلي فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق، فهو مكاتب لأنه إن لم يصرح بلفظة الكتابة فقد أتى بتفسير الكتابة ومعناها والعبرة في القعود لمعانيها لا لألفاظها.
وفي الوصايا إذا قال لعبده: أد إلي ألف درهم كل شهر مائة فأنت حر، قال هذا مكاتب وهو جائز. وفي «نوادر» ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله في «الإملاء» : إذا قال لعبده: إذا أديت إلي ألف درهم كل شهر مائة درهم فأنت حر أول النجم كذا أو آخره كذا فقبل ذلك، قال أبو حنيفة رحمه الله: هذه مكاتبة، قال هذا وقوله: إذا أديت إلي ألف درهم ولم يسم الشهور سواء ينبغي أن يكون مكاتبة كله، ولا تكون مكاتبة حتى يقوم اسم الكتابة يعني حتى يأتي بلفظ الكتابة، قال: ولكنه أخذ بالاستحسان والله أعلم.
[الفصل الثاني في بيان ما يصح في الكتابة وما لا يصح]
ما يجب اعتباره في هذا الفصل أن جهالة البدل متى كاتب * جهالة جنس * منعت صحة التسمية في العقود كلها سواء كان عقداً هو معاوضة مال بمال كالبيع والإجارة وأمثالها، أو عقداً هو معاوضة مال بمال كالكتابة والخلع وأشباههما، وجهالة البدل إذا كانت جهالة وصف منعت صحة التسمية في عقد هو معاوضة مال بمال ولا يمنع صحة التسمية في عقد هو معاوضة مال بما ليس بمال، فرق بين معاوضة المال بالمال، وبما بين معارضة المال بما ليس بمال، فيما إذا كان جهالة البدل جهالة وصف.
والفرق أن في معاوضة المال بما ليس بمال، نفس المال ليس بمقصود وباختلاف الوصف إنما تختلف المالية، فإذا لم تكن المالية مقصودة فهذا بالجهالة لا يخل بالمقصود، فصار وجودها والعدم بمنزلة، أما في معاوضة المال بالمال: المالية مقصودة، وباختلاف الوصف تختلف المالية فيخل بالمقصود، فيجب اعتبارها.