أن الثابت بشهادتهما نصف الحق شائع نصفه وهو الربع مما بقي ببقاء أحد الأولين ونصفه وهو الربع مما سقط برجوع أحد الأولين فبقي من النصف الساقط بحكم بقاء الآخرين على الشهادة نصفه وهو الربع، فيكون الباقي في الحاصل ثلاثة الأرباع وضمن الراجع الربع لهذا، ولو رجع الآخران مع أحد الأولين ضمنوا نصف المال؛ لأنه بقي من يقوم بشهادته نصف الحق، فيكون التالف نصف المال ثم ضمان هذا النصف يكون نصفه على الراجع من الأولين ونصفه على الآخرين؛ لأن أحد الأولين
(١٦٦ب٤) أوجب نصف الحق والآخران أوجبا نصف الحق أيضاً، فصار حال الواحد من الأولين كحال الآخرين، فلهذا كان الضمان عليهما نصفين.u
ولو شهد شاهدان على شهادة شاهدين على رجل بألف وشهد شاهدان آخران على شهادة شاهدين آخرين بتلك الألف بعينها وقضى القاضي به ثم رجع واحد من هذين وواحد من هذين، فعليهما ثمنان ونصف، هكذا ذكر في «الجامع» وذكر في «الأصل» أن عليهما نصف المال، وعن أبي يوسف أن عليهما ربع المال، وهو اختيار الكرخي وهو القياس، وهي مسألة الأسفكة.
[الفصل العاشر: في الرجوع عن الشهادة في الحدود والجنايات]
قال محمد رحمه الله: وإذا شهد شاهدان على رجل بسرقة ألف درهم بعينها من رجل وقضى القاضي بها وقطع يد المشهود عليه ثم رجعا عن شهادتهما، فإنهما ضمنا دية اليد للمشهود عليه؛ لأنهما أتلفا على المشهود عليه يده، ويكون ذلك في مالهما؛ لأنه وجب بإقراره؛ ولأنهما تعمدا الإتلاف حيث شهدا بالزور، والعاقلة لا تعقل عمداً ولا اعترافاً، ويضمنان الألف أيضاً؛ لأنهما كما أتلفا على المشهود عليه يده أتلفا عليه الألف.
أربعة شهدوا على رجل بالزنا وشهد شاهدان عليه بالإحصان فأجاز القاضي شادتهم وأمر برجمه ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم، فإن شهود الزنا يضمون الدية ويحدون حد القذف عند علمائنا الثلاثة، ولا ضمان على شهود الإحصان، وهذه المسألة بتمامها مرت في كتاب الحدود من هذا الكتاب.
وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده وشهد عليه أربعة بالزنا والإحصان وقضى القاضي بشهادتهم وأعتقه ورجمه ثم رجعوا عن شهادتهم، فإن على شهود العتق قيمته لمولاه؛ لأنهم أتلفوا عليه مالية العبد بغير حق وعلى شهود الزنا الدية؛ لأنهم أتلفوا بشهادتهم حراً؛ لأن الحرية قد ثبتت بقضاء القاضي وتكون الدية للمولى إذا لم يكن