للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجوم وارثاً آخر من العصبات، فإن قيل من وجهين، أحدهما: كيف تجب الدية للمولى وكان المولى جاحداً العتق؟ والثاني: كيف يجب بدلان للمولى عن نفس واحدة.

قلنا: أما الأول القاضي قد حكم بعتقه وزعم المولى بعدما قضى القاضي عليه بخلافه غير معتبر، وأما الثاني قلنا القيمة تجب بدلاً عن المالية والدية تجب بدلاً عن النفس غير أن الدية تجب حقاً للمقتول حتى يقضي منه ديونه وينفذ قضاياه، ألا ترى أنه لو كان له ابن حر كانت الدية له دون مولاه، فالدية تجب للمقتول أولاً ثم تصير للمولى؛ لأنه أقرب الناس إلى المقتول، فلا تؤدي إلى أن يجب بدلان عن نفس واحدة للمولى.

إذا شهد أربعة على رجل بالزنا والعتق والإحصان وأمضى القاضي كله، ثم رجعوا عن العتق ضمنوا القيمة، ولا شيء عليهم من (الدية) ، لأنهم يصيرون على الشهادة عليه بالزنا، وفي حق العتق هم بمنزلة شهود الإحصان ولا ضمان على شهود الإحصان عند الرجوع على قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله، ولو رجع اثنان عن الزنا واثنان عن العتق فلا ضمان على شهود العتق؛ لأنه قد بقي على العتق حجة كاملة، وعلى اللذين رجعا عن الزنا نصف الدية؛ لأن الباقي على الشهادة في حق حكمه نصف الحجة فيجب على الراجعين نصف الدية وحد القذف.

وإذا شهد شاهدان على الصلح عن دم العمد على ألف درهم ثم رجعا لم يضمنا شيئاً أيهما كان المنكر، أما إذا كان الذي له القصاص ينكر والقاتل يدعي؛ فلأنهما لو ضمنا للذي له القصاص أو للقاتل ولا وجه إليهما أما للذي له القصاص؛ فلأنهما لو شهدا عليه بالعفو عن القصاص بغير عوض لا يضمنان له شيئاً فههنا أولى، وقد شهدا عليه بالعفو بالألف، وأما للقاتل فلأنه هو المدعي للصلح، فإنما لزمه المال بإقراره لا بشهادتهما فلا يضمنان له شيئاً، وأما إذا كان القاتل يجحد والذي له القصاص يدعي، أما الذي له القصاص فلأنه سقط حقه عن القصاص بإقراره إذا كان هو مدعياً لا بشهادتهما، ولو سقط حقه عن القصاص بشهادتهما لا يضمنان له شيئاً فههنا أولى، وأما للقاتل فكذلك؛ وكان ينبغي أن يضمنا للقاتل؛ لأن ما سلم للمطلوب من القصاص ليس بمال وما ليس بمال لا يعتبر عوضاً من المال، فلا يصير عوضاً عما أوجبا عليه من الألف، فكأنهما أوجبا عليه ألف درهم بغير عوض.

والجواب: ما سلم للقاتل من القصاص وإن لم يكن مالاً يصلح عوضاً عن المال الذي أوجبا عليه؛ لأنه ملك نفسه من جهة المولى من كل وجه من حيث الاعتبار؛ لأن المولى استحق على القاتل نصيبه بالقصاص من كل وجه، وإنما يملك القاتل نفسه بعد ذلك من جهة الطالب من كل وجه بالصلح.

وما ليس بمال يصلح عوضاً عن المال إذا استفاده ملتزم المال من جهة من ضمن له المال من كل وجه أصله منافع البضع في باب النكاح، فإن الشرع جعل منافع البضع في حق الزوج عوضاً عن المال، وإن لم يكن منافع البضع مالاً.

قلنا: والزوج ملك منافع بضع المرأة من جهة المرأة من كل وجه، فصار فصل

<<  <  ج: ص:  >  >>