وفي «المنتقى» الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: كره للرجل أن يبيع جارية كان يطؤها حتى يستبرئها بحيضة، وإن كانت لا تحيض أبداً أو كانت آيسة فبشهر، وإن ارتفع حيضها بعد الوطء فبأربعة أشهر، وإن جامعها في الحيض فلا يبيعها حتى تطهر من حيضة.
وإذا زنت أمة الرجل فليس عليه استبراء في قول أبي حنيفة، وقال محمد: أحب إلي أن لا يطأها حتى يستبرئها بحيضة، وروي عن محمد رحمه الله رواية أخرى أنه قال: يجب عليه الاستبراء، وإن حبلت من الزنا لم يقربها حتى تضع حملها.
وإذا كانت الجارية بين رجلين اشترى أحدهما من صاحبه نصيبه، فعليه الاستبراء. وإذا وطىء الرجل أمته ثم اشترى أختها فله أن يطأ الأولى، وليس له أن يطأ الثانية إذا اشتراها كيلا يصير جامعاً ماءه في رحم أختين، وإن لم يكن وطء الأولى فله أن يطأ أيتهما شاء، وإن وطئهما أو قبلهما أو لمسهما بشهوة أو نظر إلى فرجهما فقد أساء؛ لأنه ارتكب المحرم وهو الجمع بينهما في حق الوطء والدواعي ولا يطأ واحدة منهما بعد ذلك حتى يزول ملك الوطء عن الأخرى حتى ذكر في «الأصل» ، وفي «نوادر هشام» قال: سمعت محمداً رحمه الله يقول في رجل عنده أختان وطئهما ثم باع إحديهما، فإن لم يستبرئ التي باعها بحيضة قبل أن يبيعها، فإنه لا يقرب هذه حتى تحيض، وروى بشر عن أبي يوسف: رجل عنده أمتان أختان وطء إحداهما، فلا ينبغي له أن يطأ الأخرى حتى تحيض الموطوءة حيضة ويخرجها عن ملكه، وفي قول أبي حنيفة: إذا أخرجها عن ملكه وطء الأخرى. وفي «القدوري» : ذكر المسألة في غير ذكر خلاف، فقال: إذا أخرج التي وطىء عن ملكه جاز له أن يطأ الأخرى؛ لأن المحرم هو الجمع في الوطء وقد زال ذلك بإبطال ملك المتعة والله أعلم.
[الفصل الثامن عشر: في بيع الأب والوصي والقاضي مال الصبي وشرائهم له]
الواحد لا يصلح عاقداً من الجانبين في عقود المعاوضات لما فيه من رجوع الحقوق المضادة والأحكام المتنافية إلى الواحد، فإن البيع يوجب ضد ما يوجبه الشراء من الأحكام، قالوا الواحد إذا صار بائعاً ومشترياً يرجع إليه أحكام متضادة، ألا ترى أنه يصير مطالِباً ومطالَباً مسلماً ومتسلماً مستزيداً ومستنقصاً، وإنه ممتنع بحال، ولأن المعاوضة توجب حقاً لكل واحد من المتعاقدين على صاحبه، فالواحد إذا صار بائعاً ومشترياً وجب الحق له على نفسه، وأنه ممتنع، والقياس في الأب كذلك، حتى لا يجوز بيع الأب ماله من أبيه الصغير وشراء مال ابنه الصغير لنفسه لما قلنا من الاستحالة، إلا أنهم استحسنوا وجوزوا ذلك، وطريقه أن يجعل الأب رسولاً عنه في التصرف وأمكن جعل الأب رسولاً عنه في التصرف لانتفاء التهمة عن تصرفه مع نفسه بسبب كمال الشفقة، وعبارة الرسول عبارة المرسل، فصار العقد قائماً بعبارتين معنى، كأن الأب باع