استبراء عليه وكان الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني يقول: رأيت في كتاب الاستبراء لبعض المشايخ أنه إنما لا يجب الاستبراء على المشتري في هذه الصورة أن لو تزوجها ووطئها ثم اشتراها؛ لأنه حينئذ يملكها وهي مشغولة بعذر، فأما إذا استبرأها قبل أن يطأها وكما استبرأها يبطل النكاح فحال ثبوت ملك اليمين لا نكاح فيجب الاستبراء لتحقق (١١٥أ٣) سببه وهو استحداث حل الوطء بملك اليمين، وكان يحسنه ودقته رحمه.
وإذا باع جارية ولم يسلمها إلى المشتري حتى تارك المشتري البيع، فلا استبراء على البائع استحساناً، وإذا ردها بالعيب بعد القبض أو تقايلا بعد القبض فعلى المشتري أن يستبرئها بحيضة، وإذا رجعت الآبقة أوردت المغصوبة أو فكت المرهونة أو عجزت المكاتبة أو انقضت الإجارة لم يكن على المولى أن يستبرئها بلا خلاف. وإذا كان الخيار للمشتري فردها بعد القبض فليس على البائع أن يستبرئها عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما، فإذا رد القاضي المبيع على البائع لفساد البيع، عليه أن يستبرئها.
وإذا باع الغاصب الجارية المغصوبة من رجل وقبضها المشتري، ثم استحقها المالك إن لم يكن المشتري وطئها قبل الاستحقاق فلا استبراء على المالك قياساً واستحساناً، وإن كان قد وطئها إن علم بحالها أنها مغصوبة فلا استبراء على المالك قياساً واستحساناً أيضاً، وإن لم يعلم بحالها مغصوبة فالقياس أن لا يجب الاستبراء على المالك، وفي الاستحسان يجب.
وإذا زوج الرجل أمته من إنسان، ثم مات الزوج عنها، فله أن يجامعها بعد مضي العدة ولا استبراء عليه، وإن طلقها الزوج بعد الدخول بها، فله أن يجامعها بعد مضي العدة والاستبراء عليه، وإن طلقها الزوج قبل الدخول بها، فإن كان المولى لم يستبرئها بعد ما قبضها بحكم الشراء ولم تحض عند الزوج فعليه الاستبراء، وإن كانت قد حاضت عند الزوج فلا استبراء على المولى (إن كان) قد استبرأها بعد ما قبضها، ثم زوجها وطلقها قبل الدخول بها ولم تحض في يد الزوج فلا استبراء على المولى هو الصحيح.
وإذا تزوج جارية وكان الزوج يطأها لم يكن على الزوج استبراء في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: يستبرئها بحيضة استحساناً كيلا يؤدي إلى اجتماع الرجلين على امرأة واحدة في طهر واحد، ولأبي حنيفة: أن عقد النكاح متى صح تضمن العلم ببراءة الرحم شرعاً، وهو المقصود من الاستبراء.
وإذا أراد الرجل أن يبيع أمته وقد كان يطؤها يستحب أن يستبرئها ثم يبيعها. وإذا أراد الرجل أن يزوج أمته من إنسان يطؤها، بعض مشايخنا قالوا: يستحب أن يستبرئها بحيضة ثم يزوجها كما لو أراد بيعها، والصحيح أن ههنا يجب الاستبراء، وإليه مال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، بخلاف ما إذا أراد أن يبيعها. والفرق: أن في فصل البيع يجب الاستبراء على المشتري، فيحصل المقصود به، فلا معنى للإيجاب على البائع، أما في فصل النكاح لا يجب الاستبراء على الزوج ليحصل به معنى الصيانة، فمست الحاجة إلى إيجابه على المولى.