للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس عشر في المهور]

وهذا الفصل يشتمل على أنواع، منه في بيان ما يصح مهراً، وفي بيان مقداره وكميتّه. قال الكرخي رحمه الله في كتابه: المهر لا يكون إلا ما هو مال أو ما هو يوجب تسليم المال، فإن سمى في العقد مالاً كان المملوك في العقد مضموماً بالمسمى، وإن لم يسمّ كان مضموماً مهر المثل حتى لو مات عنها قبل الدخول بها وجب مهر المثل عندنا، بناء على أن النكاح لم يشرع إلا معاوضة البيع بالمال عندنا.

والأصل فيه قوله (تعالى) : {تَبْتَغُواْ بِأَمْولِكُمْ} (النساء: ٢٤) أحلّ ما وراء المحرمات بشرط الابتغاء بالمال، فإذا سمى في العقد ما هو مَعْدوم في الحال بأن تزوجها على ما تثمر أو على ما تخرج أرضه العام، أو على ما يكتسب غلامه العام لا تصح التسمية وكان لها مهر المثل؛ لأن المعدوم لا يوصف بالمالية، ولا يصح ذكره مهراً، وكذا إذا سمى ما ليس بمال للحال من كل وجه بأن تزوجها على ما في بطون غنمها، وعلى ما في بطن جاريته لا تصح التسمية، وكان لها مهر المثل، وكذا لو تزوجها على طلاق امرأة أخرى، أو عفو عن قصاص فلها مهر مثلها؛ لأن المسمى ليس بمال.

وإذا تزوجها على أن لا مهر لها صح النكاح ووجب لها مهر المثل. والنساء التي يعتبر مهرها بمهور من قوم أتها أخواتها لأبيها وأمها، أو لأبيها وعماتها وبنات عماتها، ولا يعتبر مهرها بمهر أمها وقوم أمها، إلا أن تكون أمها من قوم أبيها بأن كانت ابنة عم أبيها فحينئذ يعتبر مهرها؛ لا لأنها أمها؛ بل لأنها ابنت عم أبيها، وإنما يعتبر من.... من هي مثلها في الحسن والجمال والسّن والمال والبكارة، وكذلك يعتبر أن تكون تلك المرأة من بلدتها؛ لأن المهر يختلف باختلاف البلدان.

ومن المشايخ من قال: لا يعتبر الجمال في المرأة إذا كانت من أهل بيت الحسب والشرف والنسب. فإن لم توجد من قوم أبيها امرأة بهذه الصفة؛ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في أول باب المهر أنه يعتبر مهرها بمهر مثلها من الأجانب في بلدها ولا تعتبر بمهر مثلها من قوم أمها.

وذكر هو أيضاً في مسألة اختلاف الزوجين في هذا الباب: أن على قول أبي حنيفة رحمه الله تقدير مهرها بأقرانها من الأجانب، فكان المذكور في أول باب قولهما، وإذا تزوجها ولم يُسمِّ لها مهراً ثم سمى لها مهراً، أو فرض لها مهراً، أو رافعته إلى القاضي ففرض لها مهراً جاز ويكون ذلك تقديراً لمهر المثل.

وفي «الفتاوى» : سئل أبو القاسم عن امرأة زوجت نفسها بغير مهر، وليس لها مثل في قبيلة أبيها في المال والجمال؛ قال: ننظر إلى قبيلة أخرى مثل قبيلة أبيها فيقضي لها

<<  <  ج: ص:  >  >>