والذمي إذا أتلف على ذمي خمراً أو خنزيراً ثم أسلم المتلف وهو المطلوب، ضمن قيمة الخنزير عندهم، وفي الخمر خلافه عرف ذلك في كتاب الغصب، ولو لم يسلم الشهود ولكن أسلم المشهود عليه، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما يضمنان قيمة الخنزير، ولا ضمان عليهما في الخمر عندهم؛ لأن المشهود عليه طالب؛ لأن الحق له قبل الشهود عند الرجوع، والمتلف عليه وهو الطالب إذا أسلم ولم يسلم المطلوب، ففي الخنزير القيمة، وفي الخمر لا ضمان أصلاً، عرف ذلك في كتاب الغصب فههنا كذلك.
[الفصل السادس عشر: في المتفرقات]
إذا ادعت المرأة على زوجها أنه صالحها من نفقتها على عشرة دراهم كل شهر، وقال الزوج صالحتها على خمسة دراهم كل شهر، فشهد شاهدان أنه صالحها على عشرة دراهم كل شهر، وقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما، قال: ننظر إلى نفقة مثلها فإن كان عشرة أو أكثر، فلا ضمان عليهما للزوج؛ لأنهما متى اتفقا على الصلح واختلفا في بدله كان القول لمن يشهد له نفقة المثل، كما في النكاح عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وههنا نفقة مثلها يشهد لها، فيكون القول قولها، وصار عشرة دراهم مستحقة للمرأة على الزوج بقولهما، فهما بشهادتهما ما أوجبا على الزوج مالاً، فلهذا لا ضمان عليهما، وإن كان نفقة مثلها خمسة دراهم مثلاً، فإنهما يضمنان للزوج خمسة لما مضى؛ لأن المستحق على الزوج في هذه الصورة خمسة دراهم لولا شهادتهما، فهما بشهادتهما أوجبا على الزوج الزيادة على الخمسة، بحيث لا يمكنه دفعها عن نفسه؛ لأنه لا يمكنه رد الصلح فيما مضى، ولكن لا يضمنان في المستقبل؛ لأن رد هذا الصلح في المستقبل يمكن للزوج بأن يردها إلى نفقة مثلها، فإذا فرض القاضي على الزوج كل شهر لامرأته نفقة مثلها، فمضى لذلك سنة، ثم شهد شاهدان أنه قد أوفاها النفقة، وأجاز ذلك القاضي ثم رجعا عن شهادتهما، فإنهما يضمنان ذلك للمرأة لأن نفقة المنكوحة يصير ديناً في الماضي بقضاء أو رضى وقد وجد القضاء ههنا، فصار نفقة ما مضى ديناً في ذمة الزوج، والتحقت بسائر ديونها، ولو شهدا باستيفاء دين آخر لها سوى النفقة، وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا ضمنا كذا ههنا.
وقال: وكذلك الوالد وكل ذي رحم محرم ممن فرض القاضي له نفقة، هكذا ذكر في رجوع «الأصل» ، وهذا الجواب مستقيم على رواية «الجامع» ، نفقة المحارم تصير ديناً بقضاء القاضي، فأما لا يستقيم على رواية «الجامع» ، فإن على رواية النكاح نفقة المحارم لا تصير ديناً بقضاء القاضي فإذا لم تصر ديناً فيما مضى لم يصيرا شاهدين عليهما باستيفاء دين مستحق لهما على الزوج، فلا يضمنان عند الرجوع.
وإذا طلق امرأته قبل الدخول بها ولم يفرض لها مهراً، فشهد شاهدان أن صالحها من المتعة على عبد ودفعه إليها وقبضته وهو ينكر ذلك، فقضى القاضي عليها بذلك، ثم