(رجل) يبيع التعويذ في المسجد، ويكتب فيه التوراة والإنجيل، ويأخذ عليه مالاً، ويقول: إني أوقع هذا هدية لا يحل له المأخوذ؛ لأنه نص على الهدية، وأخذ المال لا يجوز.
ذكر رحمه الله تعالى في كتاب «الكسب» كسب الخصي حرام لم يرد به ما اكتسبه، وإنما أراد به أن اتخاذه خصياً، وإخصاؤه مكروه؛ نقل عن كتاب «الطحاوي» هكذا، والله أعلم.
[الفصل الخامس عشر في نقل الميت]
روى ابن أبي مليكة: أن عبد الرحمن بن أبي بكر مات خارج مكة على اثني عشر ميلاً، فنقل إلى مكة ودفن بمكة، فجاءت حاجة أو معتمرة وزارت قبره، وقالت: أما والله لو شهدتك ما دفنتك إلا في مكانك الذي مت فيه؛ قولها أما والله لو شهدتك ما زرتك تكلم المشايخ في تأويله وفي معناه، بعضهم قالوا: أرادت بهذا بيان أن زيارة القبور ليست بواجبة، وإلى هذا القول مال القاضي الإمام علي السغدي، وبعضهم قالوا: أرادت بهذا بيان عذرها في زيارته، فإن ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام:«لعن الله زوارات تمنع النساء عن زيارة القبور» والحديث وإن كان مؤولاً، فلحشمة ظاهرة، قالت ما قالت، ووجه العذر أنه قال: عليها لقاؤه عند الموت فزارت قبره ليكون لقاء قبره قائماً مقام لقائه عند الموت، وإلى هذا مال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي، وبعضهم قالوا: أرادت بهذا بيان أن زيارة القبور مع أنها مكروهة في حق النساء، وإن الحديث الوارد في هذا الباب منسوخ نسخه قوله عليه السلام «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولا تقولوا هجراً» ولكن الترك أولى إلا أنها قالت: لو شهدتك ما زرتك، وإلى هذا القول مال الشيخ الإمام شيخ الإسلام، وقولها: لو شهدتك ما زرتك إلا في مكانك الذي مت فيه؛ دليل دفن الميت في مكانه الذي مات فيه، وفي مقابر ذلك القوم أفضل.
قال محمد رحمه الله في «السير» : أحب إلينا أن ندفن الميت والقتيل في المكان الذي مات فيه في مقابر المسلمين ... وإن نقل ميلاً أو ميلين أو نحو ذلك فلا بأس به، فقد نهى الناس عن النقل ميلاً أو ميلين، فهذا دليل على أن الزيادة على ذلك مكروه، وإنما صار قدر ميلين عفواً؛ لأنه لا بد منه في الأعم الأغلب، فإن الغالب في كل بلد أن تكون مقابرها بفنائها، وربما يكون من المكان الذي مات فيه إلى المقبرة قدر ميلين فصار هذا القدر عفواً، فأما الزيادة على ذلك.... الأعم والأغلب، وفيه تشبه باليهود