للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقم البينة على الإيداع، ولكن علم القاضي أن الغائب أودعها إياه لم يجعل بينهما خصومة، وكذا لو أقر المدعي بذلك، ولو علم القاضي أنها للمدعي، وأقام الذي في يديه البينة أن فلاناً الغائب أودعها؛ لا خصومة بينهما حتى يحضر الغائب، ولو علم القاضي أن الغائب غصبها من المدعي وأودع ذا اليد، فإنه يأخذها من ذي اليد، ويسلم إلى المدعي، وذكر في باب اليمين أن ذا اليد لو قال: أودعنيها الغائب، ولم يكن له بينة يحلف، إن حلف برىء، وإن نكل لزمه ولو جاء المقر له الأول كان له أن يأخذ من المدعي؛ لأن الإقرار له سابق، ثم يقال للمقر له الثاني، أو الناكل له: أثبت على خصومتك مع المقر له الأول إن أقام البينة أخذه، وإن لم يكن له بينة يحلف، إن حلف برئ وإن نكل لزمه.

بائع العبد إذا طلب الثمن من المشتري، وقال المشتري: إنك مبطل في هذه الدعوى لأنك بعت الحر، فإنك حلفت وقلت: إن اشتريت عبداً فهو حر، ثم اشتريت هذا العبد بعد يمينك، وعتق عليك وبعته مني، فهذا دفع لو أثبته بالبينة، وكذلك لو قال: حلفت وقلت: كل عبد اشتريته فهو حر، ثم اشتريت هذا العبد بعد اليمين مني عليك، ثم بعته مني.

كذلك لو قال: أعتقت هذا العبد قبل أن تبيعه مني، فهذا كله دفعاً صحيحاً، ذكر الفصل الأخر في «الزيادات» من غير ذكر خلاف، وذكر الفصل الآخر عن أبي يوسف، وأبي حنيفة أن بينة المشتري لا تقبل على البائع بذلك حتى لا يسترد المشتري الثمن من البائع، ولكن يعتق العبد على المشتري لإقراره بذلك؛ والله أعلم.

[الفصل الرابع والعشرون: في دعوى الوصية، وجحود الوارث، وإقراره بالوصية لغيره، وفي دعوى الدين وجحود الوارث ذلك، وإقراره بالوصية لرجل آخر]

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل مات وترك ثلاثة أعبد قيمتهم على السواء لا مال له غيره، وترك أباً لا وارث له سواه، فأقام رجل بينة أن الميت أوصى له بعبده هذا الذي يقال له: سالم، وأنكر الوارث ذلك وقال: لم يوص الميت لك بشيء، إنما أوصى لهذا الرجل الآخر بعبده هذا الذي يقال بزيع، وصدقه المقر له بذلك، فالقاضي يقضي لصاحب البينة بسالم، ولا يقضي للمقر له من بزيع شيئاً؛ لأنه تعذر تنفيذ الوصيتين لأنهما يزيدان على الثلث، ومحل تنفيذ الوصايا عند عدم إجازة الورثة الثلث، وقد عدم إجازة الورثة هاهنا فيما زاد على الثلث، لما زعم الوارث أن الميت أوصى بزيع لا غير.

وتعذر تنفيذ كل وصية بمقدار النصف حتى يكون تنفيذ الوصايا بقدر الثلث، لأن وصية بزيع لم تثبت في حق صاحب البينة؛ لأن وصية بزيع تثبت بالإقرار، والإقرار حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>