للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «النوازل» : رجل اشترى دابة إلى بلدة ليحمل من هناك حمولاً به، فجاء المكاري فقال: ذهبت فلم أجد الحمل فإن صدقه المستكري في ذلك فعليه أجر الذهاب خالياً من غير حمل وقوله: إلى بلدة كذا بمنزلة قوله: ليذهب بها إلى بلده كذا.

وفي «فتاوى الفضلي» : استأجر دابة في المصر ليحمل الدقيق من الطاحونة أو ليحمل الحنطة من قرية كذا فذهب فلم يجد الحنطة طحنت أو لم يجد الحنطة من القرية، فعاد إلى المصر ينظر إن كان قال: استأجرت منك هذه الدابة من هذه البلدة حتى أحمل الدقيق من طاحونة كذا يجب نصف الأجر؛ لأن الإجارة وقعت صحيحة من البلدة إلى الطاحونة من غير حمل شيء فيجب نصف الأجر بالذهاب ثم الإجارة من الطاحونة إلى البلدة إنما كانت بشرط حمل الدقيق ولم يوجد فلا يجب الأجر، فأما إذا كان قال: استأجرت منك هذه الدابة بدرهم حتى أحمل الدقيق من الطاحونة فها هنا لا يجب الأجر في الذهاب.

وفي «فتاوى أهل سمرقند» : استأجر رجلاً ليذهب إلى موضع كذا ويدعو فلاناً بأجر مسمى فذهب الرجل إلى ذلك الموضع فلم يجد فلاناً يجب الأجر.

وفي «فتاوى الأصل» : استأجر رجلاً ليقطع له الأشجار في قرية بعيدة ولم يتعرض للذهاب والمجيء فلا أجر على المستأجر في ذهابه ومجيئه؛ لأن المعقود عليه العمل وهو قطع الأشجار ولم يعمل في ذهابه ومجيئه.

[الفصل الثاني والعشرون: في بيان التصرفات التي يمنع المستأجر عنهاوالتي لا يمنع وفي تصرفات الآجر]

وإذا استأجر داراً أو بيتاً ولم يسم الذي يريدها له حتى صارت الإجارة استحساناً لا قياساً على ما مر قبل هذا كان للمستأجر أن يسكنها وأن يسكنها من شاء؛ لأن الإجارة انصرفت إلى السكنى عرفاً ولو انصرفت إلى السكنى نصاً كان له أن يسكنها وأن يسكنها من شاء؛ لأن الناس لا يتفاوتون في السكنى ولو وقع التفاوت كان يسيراً فلا يعتبر وله أن يضع متاعه فيها. لأن هذا من جملة السكنى وله أن يربط فيها دوابه.

قال مشايخنا رحمهم الله: إنما يكون له ولاية ربط الدواب فيها إذا كان فيها موضعاً معداً لربط الدواب فأما إذا لم يكن فليس له ولاية ربط الدواب، وما ذكر في «الكتاب» فهو بناء على عرف ديارهم؛ لأن في ديارهم الربط يكون في الدار لسعة دورهم، أما في ديارنا فبخلافه وله أن يعمل فيها ما بدا له من العمل مما لا يضر بالبناء ولا يوهنه نحو الوضوء وغسل الثياب أما كل عمل يضر بالبناء ويوهنه نحو الرحى والحدادة والقصارة، فليس له ذلك إلا برضا صاحبه؛ لأن كل عمل هذا حاله فهو مستثنى عن الإجارة بحكم العرف فيعتبر ما لو كان مستثنى عن الإجارة بحكم الشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>