يوسف عن أبي حنيفة أنه إذا صار الظل أقل من قامتين خرج وقت الظهر، ولا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه، قال أبو الحسن: وهذه الرواية أصح، فعلى هاتين الروايتين يكون بين الوقتين وقت مهمل، لا من الظهر ولا من العصر وهو الذي يسميه الناس بين الصلاتين، وإنما يعتبر ظل كل شيء مثله أو مثليه سوى فيء الزوال.
واعلم أن ما مِنْ شيء إلا وله ظل عند الزوال إلا بمكة وبمدينة في أطول أيام السنة، فإن في أطول أيام السنة بمكةوبمدينة لا يبقى للأشياء ظل عند الزوال على الأرض، أما بمكة لأنه سرّة الأرض ومنها بسطت الأرض وأما بمدينة، فلأن الشمس تأخذ الحيطان الأربعة، فأما في غيرهما من الأماكن فلا تخلو الأشياء عن الظل عند الزوال غير أنه تصغر وتكبر وتطول وتقصر بحسب قرب الأماكن إلى مكة، فلا يعتبر ذلك المقدار في تقدير ظل كل شيء مثله أو بمثليه.
فأول وقت العصر عند أبي يوسف ومحمد إذا صار الظل قامة وزاد عليها. وذكر أبو سليمان عن أبي يوسف أنه لم يعتبر الزيادة. قال أبو الحسن الخلاف في آخر وقت الظهر خلاف في أول وقت العصر، وآخر وقت العصر وقت غروب الشمس.
وأول وقت المغرب حتى تغيب الشمس وآخر وقت المغرب حتى يغيب الشفق.
وأول وقت العشاء حتى يغيب الشفق، وآخر وقتها يمتد إلى طلوع الفجر وتفسير.
الشفق في قول أبي حنيفة رحمه الله البياض، وفي رواية أسد بن عمرو أنه الحمرة، وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي ورد فتوى في زمن الصدر الكبير برهان الأئمة رحمه الله، وكان فيه أنا بخير وقت العشاء في بلدن، فإن الشمس كما تغرب تطلع الفجر من الجانب الآخر، هل علينا صلاة العشاء؟ فكتب في الجواب أنه ليس عليكم صلاة العشاء، وهكذا كان يفتي ظهير الدين المرغيناني.
وأما الوتر فوقته ما هو وقت العشاء إلا أنه مأمور بتقديم العشاء عليه، ووقت الجمعة ما هو وقت الظهر والله أعلم.
[الفصل الثاني في بيان فضيلة الأوقات]
قال أصحابنا رحمهم الله: الإسفار بالفجر أفضل في الأزمنة كلها إلا صبيحة يوم النحر للحاج بالمزدلفة، فإن هناك التغليس أفضل، وإنما كان الإسفار في سائر الأزمنة أفضل لقوله عليه السلام «أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر» وقال إبراهيم النخعي؛ ما اجتمع أصحاب رسول الله عليه السلام على شيء كما اجتمعوا على الإسفار بالفجر، فإنه سبب لتكثير الجماعة فكان أفضل إلا أنه لا ينبغي أن يؤخر تأخيراً يقع الشك في طلوع