للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصاً: أنه لا يؤكل، وذكر شيخ الإسلام أنه أراد به كراهة التنزيه والأول أصح، وهذا كله إذا وجده وبه جراحة واحدة يعلم أنه جراحة الكلب؛ أما إذا علم بالعلامة أنها جراحة غير الكلب، أو علم أنه جراحة الكلب، وبان بها جراحة أخرى ليست من جراحة الكلب؛ لا يؤكل ترك الطلب أو لم يترك.

وكذلك الجواب في البازي، والصقر من أوله إلى آخره، والجواب في الرمي هكذا إذا رمى سهماً إلى الصيد فأصابه، وتوارى عن بصره، ثم وجده ميتاً، وبه جراحة أخرى سوى جراحة السهم لا يؤكل وإن كان في طلبه، وإن وجده وليس به جراحة أخرى إن لم يشتغل بعمل آخر تؤكل استحساناً، وإن اشتغل بعمل آخر لا يؤكل قياساً واستحساناً، والله أعلم.

[الفصل الرابع في بيان الشرائط في الآلة]

فنقول: الآلة نوعان: جماد كالمرزاق والسهم والرمح والمعراض وأشباهها.

وحيوان كالكلب ونحوه والصقر والبازي ونحوها، فإن كانت الآلة حيواناً، فمن شرطها أن تكون معلمة؛ قال الله تعالى: {وما علمتم من الجوارح} (المائدة ٤) ، وقال عليه السلام: «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه كل» الحديث، ولا يكون الكلب معلماً إلا بالإمساك علينا، وترك الأكل، وإن كان مجيؤه إذا دعاه، وإذا أرسله على الصيد يصيد.

فعلامة تعلم الكلب، وما بمنعاه ترك الأكل من الصيد، وكان أبو حنيفة رحمه الله لا يحد في ذلك حداً، ولا يوقت وقتاً، وكان يقول: إذا كان معلماً، فَكُلْ وربما كان يقول: إذا غلب على ظن الصائد أنه معلم، وربما كان يقول: نرجع في ذلك إلى قول أهل العلم من الصائدين، فإذا قالوا: صار معلماً، فهو معلم، وروى الحسن عنه إذا ترك الأكل ثلاثاً فهو معلم، وهو قول أبي يوسف ومحمد في ظاهر روايتهما؛ لا يحل الثالث ولنا يحل الرابع، وروي عنهما أيضاً أنه يحل الثالث.

وأما البازي وما بمنعاه فترك الأكل في حقه ليس علامة تعلمه، وأما علامته أن يجيب صاحبه إذا دعاه حتى أن البازي وما بمعناه إذا أكل من الصيد يؤكل صيده قال بعض مشايخنا في البازي: هذا إذا أجاب صاحبه عند الدعوة العامة من غير أن يطمع في اللحم، فأما إذا كان لا يجيب إلا بطمع في اللحم لا يكون معلماً، ولا يحل صيده.

وكذلك الكلب إذا أكل من الصيد خرج من حكم المعلم، وحرم ما عند صاحبه من الصيود قبل ذلك في قول أبي حنييفة، وعندهما لا يحرم الصيود التي أحرزها صاحبها،

<<  <  ج: ص:  >  >>