أنه إذا كسر عضواً وقتله؛ لا بأس بأكله؛ لأن الكسر جراحة في الباطن، فتصير الجراحة في الظاهر.
هذا كله إذا كانت الآلة حيواناً.
أما إذا كانت الآلة جماداً؛ قال محمد رحمه الله في «الأصل» : ولا يحل صيد البندقة والحجر والمعراض والعصا وما أشبهه، وإن جرح؛ لأنه لا يخرق؛ إلا أن يكون شيء من ذلك قد حدده، وحلوله كالسهم، وأمكن أن يرمي به، فإن كان كذلك وجرحه حل؛ وهذا لأن المطلوب بالذكاة تسييل الدم، وذلك يحصل بالخرق والتقطيع، فأما الجرح الذي ينزف في الباطن، ولا يخرق في الظاهر، ولا يحصل تسييل الدم به، فهو معنى الموقوذة والموقوذة حرام بالنص، وفعل الحديد، وغير الحديد في ذلك سواء.
وكذلك لو رمى الصيد بسكين، فأصابه بحده فجرحه يؤكل، وإن أصابه بعرض السكين، أو بمقبض السيف لم يؤكل، والمزراق كالسهم؛ لأنه يخرق، ويعمل في تسييل الدم ما يعمل السهم، وإن حدد مبردة، ورمى بها صيداً حل لحصول بتسييل الدم بحدة الآلة، ثم في كل موضع وجد القطع.... هل يشترط مع ذلك الأداة؟ اختلف المشايخ فيه.
منهم من قال: يشترط، ومنهم من قال: لا يشترط، ومنهم من قال: إذا كانت الجراحة صغيرة يشترط، وإذا كانت كبيرة لا يشترط، ولو رمى صيداً بسهم في سنته وأصاب صيداً آخر، أو أصاب ذلك الصيد، ونفذ منه، وأصاب صيداً آخر وقتله، فذلك كله حلال، وإن عرض السهم ريح أو شجر أو حائط ورده إلى ورائه، أو يمنة أو يسرة، وأصاب صيداً لم يؤكل، وإن لم يرده عن سنته يؤكل، وعن أبي يوسف: أنه وإن رده يمنة أو يسرة يؤكل، ولو عرض للسهم بسهم آخر، فرده عن سنته وأصاب صيداً، وقتله لم يؤكل؛ هكذا ذكر في «الأصل» ، وذكر في «الزيادات» : أنه يؤكل.
قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني: تأويل ما ذكر في «الأصل» : أن الرامي الثاني لم يقصد الرمي إلى الصيد، إنما قصد اللعب، أو تعلم الرمي، أو ترك التسمية عمداً؛ حتى لو قصد الثاني الاصطياد يحل على رواية «الأصل» أيضاً، وهكذا ذكر القدوري في «شرحه» .
ولو كانت الريح شديدة فوقعت السهم في سنته وأصابت الصيد أكل.
[الفصل الخامس في الشرائط التي في الصيد]
فمن شرط أن لا يشارك في موته سوى جراحة السهم، أو الكلب، أو ما أشبه ذلك، وذلك نحو الرمي من موضع، والوقوع في الماء، وجراحةٍ أخرى يتوهم موته من تلك الجراحة.