الناس ولا يخرج على العبارة الثالثة، وإنه ظاهر هذا إذا استأجر زوجته لإرضاع ولده منها ولو استأجرها لإرضاع ولده من غيرها يجوز، وإنه يخرج على العبارات كلها.
ولو استأجر الرجل أمته أو ابنته أو أخته ترضع صبياً له جاز، وكذلك كل ذات رحم محرم منه.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : إذا استأجر ظئراً لترضع ولده سنة بمئة درهم على أنه إن مات الصبي قبل ذلك فالدراهم كلها للظئر فهذا شرط فاسد يفسد الإجارة؛ لأنه يخالف حكم الشرع؛ لأن حكم الشرع انفساخ الإجارة عند موت الصبي قبل المدة وعود الأجرة إلى المستأجر بقدر ما بقي من المدة، فإذا شرط خلافه فسد به العقد، فإن مات الصبي قبل ذلك فلها بقدر ما أرضعت أجر مثلها وترد البقية إلى المستأجر.
وفي «فتاوى الفضلي» : استأجر ظئراً ترضع ولده سنة على أن أجرتها ليلة ويوماً خمسون درهماً، وباقي السنة ترضع مجاناً فأرضعت شهرين ونصف ثم مات الولد يحسب لها من ذلك أجر مثلها على رضاع شهرين ونصف وترد الباقي؛ لأن هذه إجارة فاسدة؛ لأن قضية العقد انقسام الأجرة على منافع المدة، وقد شرط خلافها أو لأنهما شرطا عقد التبرع في الإجارة.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: مسلمة ترضع ولده الكافر بالأجر فلا بأس به فقد صح أن علياً رضي الله عنه أجر نفسه من كافر، ليسقى له الماء والله أعلم.
[الفصل الحادي عشر: في الاستئجار للخدمة]
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : ويكره للرجل أن يستأجر امرأة حرة يستخدمها بخلوتها؛ لأن الخلوة بالأجنبية قبل الإجارة مكروه كيلاً تصير سبباً للوقوع في الفتنة، وهذا المعنى موجود بعد الإجارة لكن الإجارة جائزة؛ لأنها عقدت على الاستخدام وأنه مباح في الخلوة بها وقد يخلو بها وقد لا يخلو بها وكان بمنزلة الاستئجار على كتابة النوح والغناء، فإنها جائزة؛ لأن المعصية في القراءة وعسى تقرأ وعسى لا تقرأ كذا هاهنا، إلا أنه لم يذكر الكراهة ثمة وذكر هاهنا لأنه قد يخلو بها والخلوة بالأجنبية في الحمل على المعصية أبلغ من الكتابة في حمله على القراءة، فلهذا ذكر الكراهة هاهنا ولم يذكر ثمة.
وفي «النوازل» : حرة أجرت نفسها من رجل ذي عيال فلا بأس به ولكن يكره أن يخلو بها؛ لأنه من احتمال الوقوع في الفساد، وهو تفسير ما ذكر في «الأصل» .
وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل امرأته لتخدمه كل شهر بأجر مسمى لا يجوز؛ لأن خدمة الزوج مستحقة على المرأة ديانة لما فيه من حسن المعاشرة، أن لم يكن مستحقاً عليها حكماً، والإجارة على ما كان مستحقاً على الأجير ديانة لا حكماً لا تجوز،