للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو استأجرها لتخدمه فيما ليس من جنس خدمة البيت كرعي دوابه، وما أشبه ذلك يجوز؛ لأن غير ذلك غير مستحق عليها لا حكماً ولا ديانةً.

ولو استأجرت زوجها ليخدمها قال هو جائز هكذا ذكر (٢٤ب٤) في ظاهر الرواية وروى أبو عصمة سعد بن معاد المروري عن أبي حنيفة، أنه باطل وذكر في كتاب جعل الآبق أن المرأة متى استأجرت زوجها، فله أن لا يخدمها ومتى رفع إلى القاضي فإن القاضي يفسخ العقد وينقضه.

فمن مشايخنا من قال: ليس في المسألة اختلاف الروايتين لكن تأويل ما روى أبو عصمة أنه باطل أنه سيبطل، ومنهم من قال: لا بل في المسألة روايتان على ظاهر الرواية يجوز وله حق الفسخ بالمرافعة إلى القاضي، وعلى رواية أبي عصمة لا يجوز، واتفقت الروايات أن الأب إذا أجر نفسه للخدمة من ابنه لا يجوز حتى كان له أن يفسخ من غير قضاء ولا رضا.

واتفقت الروايات في الزوج والأب إذا أخدمهما أنهما يستحقان المسمى، نص على هذا في كتاب المزارعة، فإنه قال في المزارعة: كل من لا يجوز أن يستأجر للخدمة فله أجر المثل إلا الوالد والزوج فوجه أبو عصمة الاستخدام على سبيل القهر من غير عوض يجعل للخادم ذل ويقتضيه بالخادم.

ولهذا قالوا: الكافر إذا اشترى عبداً مسلماً فإنه يجبر على بيعه حتى لا يستخدمه قهراً من غير عوض يحصل للعبد فيكون في ذلك إخلالاً بالمسلم وليس للكافر استذلال المسلم فدل أن الاستخدام على سبيل القهر من غير عوض يحصل للخادم ذل.

وليس للمسلم أن يذل نفسه إذا ثبت هذا فنقول: بأن إجارة المرأة زوجها للخدمة لو صحت كان في ذلك استخدام الزوج على سبيل القهر من غير عوض يحصل له من وجه؛ لأنه إن حصل له عوض باعتبار ملك الرقبة فإن الأملاك من حيث الرقبة متباينة لم يحصل له العوض باعتبار المنافع متصلة ما للزوج كما للمرأة، وما للمرأة كأنه للزوج ولهذا لم يجز لواحد منهما أن يضع زكاة ما له في يد صاحبه فباعتبار المنفعة لا يحصل العوض فلا ينتفي الذل، وكان كالأب إذا أجر نفسه من ابنه للخدمة فإنه لا يجوز؛ لأنه من وجه كالحاصل بغير عوض من حيث إن للأب شبه ملك في مال ابنه، وهذا بخلاف المسلم إذا آجر نفسه من كافر للخدمة حيث يجوز باتفاق الروايات؛ لأنه وإن كان يستخدمه قهراً بعد الإجارة إلا أنه يستوجب عليه عوضاً من كل وجه على سبيل القهر، فينتفي الذل أما هاهنا بخلافه وجه ظاهر الرواية.

وهو الفرق بين الزوج وبين الأب أن مال الزوج في مال امرأته دون ما للأب في مال ولده؛ لأن للأب في مال ولده شبهة ملك حتى لو وطئ جارية ابنه، وقال: علمت أنها علي حرام لا يحد وليس للزوج في مال امرأته شبهة ملك ولهذا لو وطئ في جارية زوجته، وقال: علمت أنها علي حرام يحد ولو كان للزوج في مال زوجته مثل ما للأب في مال ولده لكان لا تجوز الإجارة أصلاً ولو لم يكن للزوج في مال زوجته شيء أصلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>