لكانت تجوز الإجارة، كما لو أجر نفسه لخدمة أجنبية فإذا كان له في مال المرأة شيء، ولكن دون ما للأب في مال ابنه حكمنا بجواز الإجارة وأثبتنا له حق الفسخ بالمرافعة إلى القاضي توقيراً على الأمرين حطهما بقدر الممكن.
وفي «الفتاوى» : امرأة قالت لزوجها اغمز رجلي على أن لك علي ألف درهم فغمز الزوج رجلها، إلى أن قالت: لا أريد الزيادة فالإجارة باطلة؛ لأن استئجار المرأة زوجها للخدمة باطلة، وهذا الجواب يوافق رواية أبي عصمة ويخالف ظاهر الرواية ثم الزوج أو الأب إذا خدم كان له المسمى اتفقت الروايات في ذلك، وهذا الحكم لا يشكل في الزوج على ظاهر الرواية؛ لأن على ظاهر الرواية هذه الإجارة جائزة أما يشكل على رواية أبي عصمة لأن على هذه الرواية الإجارة فاسدة، وكذلك يشكل في الأب على ظاهر الرواية لأن على ظاهر الرواية استئجار الابن أباه للخدمة فاسدة.
وفي الإجارة الفاسدة يجب أجر المثل، والجواب أنا إنما حكمنا بفساد هذه الإجارة في الزوج على رواية أبي عصمة، وفي الأب على ظاهر الرواية نظراً للأب والزوج حتى لا يلحقه ذل بسبب الخدمة، والنظر في إيجاب المسمى متى خدم لا في إيجاب أجر المثل لا يزاد على المسمى، إن كان المسمى شيئاً معلوماً فلا يستحق الزيادة إن كان أجر مثله يريد على المسمى، وينقص عن المسمى إذا نقص أجر المثل عن المسمى، وإذا حكمنا بوجوب المسمى لا ينقص عنه شيء بعد ذلك فكان النظر في إيجاب المسمى من هذا الوجه، فلهذا أوجبنا المسمى.
هذا كما قلنا في العبد المحجور إذا أجر نفسه أنه لا تجوز الإجارة، ولكن إذا عمل وسلم من العمل يستحق المسمى؛ لأنا إنما حكمنا بالفساد نظراً للمولى، وانظر متى عمل وسلم في التجويز حتى لا تزول منافع عبده مجاناً كذا هنا.
وإن استأجرت المرأة زوجها ليرعى غنمها، أو يقوم على عمل لها جاز أما على ظاهر الرواية فظاهر، وأما على رواية أبي عصمة فلأنه لا ذل فيه.
ولو استأجر الرجل ابنه للخدمة أو استأجرت المرأة ابنها للخدمة لم يجز، وإذا خدم فلا أجر له؛ لأن خدمة الأب واجبة على الابن فالإجارة وردت على ما هو المستحق فلا تعمل، قال: إلا إذا كان الابن عبداً للغير أو مكاتباً للغير فاستأجره أحدهما من المولى للخدمة، لأن خدمة الأب لا تلزم الابن إذا كان عبداً لغيره أو مكاتباً لغيره، وإن كان الابن حراً فاستأجره أحدهما ليرعى غنماً له أو استأجره لعمل آخر وراء الخدمة، فإنه يجوز.
وإن استأجر الابن أمه، أو جدته، أو جده للخدمة لا يجوز ولو خدمت فلها المسمى، ويستوي ذلك أن يكون الابن حراً، أو عبداً مسلماً، أو كافراً؛ لأن خدمة الأب واجبة على الابن مع اختلاف الدين، ويجوز الاستئجار للخدمة فيما بين الأخوة وسائر القرابات. ومن مشايخنا من قال: إذا استأجر عمه للخدمة والعم أكبر أو استأجر أخاه الأكبر للخدمة لا يجوز.