للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني في تعريف اللقطة، وما يصنع بها بعد التعريف]

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: أدنى ما يكون من التعريف أن يشهد عند الأخذ، ويقول: أخذتها لأردها، فإن فعل ذلك ثم لم يعرفها بعد ذلك كفى، ومن المشايخ من قال: يأتي على أبواب المساجد وينادي، وقد ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : يعرفها حولاً، ولم يفصل بين القليل والكثير، عن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان: روى الحسن عنه في «المجرد» : إن كانت مائتي درهم فما فوقها يعرفها حولاً، وإن كان أقل من مائتي درهم إلى عشرة يعرفها شهراً، وإن كانت أقل من عشرة يعرفها ثلاثة أيام، وروى محمد عنه إن كانت عشرة فما فوقها يعرفها حولاً، وإن كانت أقل من عشرة يعرفها على حسب ما يرى، وروى الحسن عن أصحابنا: إن كانت مائتي درهم فصاعداً يعرفها حولاً، وإن كانت عشرة فصاعداً يعرفها شهراً، وإن كانت ثلاثة فصاعداً يعرفها عشرة، وإن كانت درهماً فصاعداً يعرفها ثلاثة، وإن كانت دانقاً يعرفها يوماً، وإن كان دون ذلك نظر ثمنه و....... ونصبها في كف فقير.

والفقيه أبو جعفر كان يقول: إذا بلغ مالاً عظيماً بأن كان كيساً فيه ألف درهم أو مائة دينار يعرف ثلاثة أحوال، وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي يحكي عن الشيخ الإمام أنه كان يروي عن محمد يعرف اللقيطة ثلاث سنين قل أو كثر، كان الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي يقول: شيء من هذا ليس بتقدير لازم، بل يبني الحكم على غالب الرأي، ويعرف القليل والكثير أن يغلب على رأيه أن صاحبه لا يطالب بعد ذلك، وفي «المنتقى» : قدر مدة التعريف في السنور، والطائر بيوم.

ثم على قول من قدر مدة التعريف بحول أو أكثر؛ اختلف المشايخ فيه؛ بعضهم قالوا: يعرفها كل جمعة، وبعضهم قالوا: كل شهر، وبعضهم قالوا: كل ستة أشهر، وهذا كله إذا كانت اللقطة شيئاً يبقى، وأما إذا كانت شيئاً لا يبقى إلى أن ينتهي إلى وقت يخشى عليها الفساد، ثم بعدما مضى مدة التعريف لو لم يظهر لها طالب يدفعها إلى الإمام، هكذا ذكر في «النوازل» ، ولم يذكر في «المبسوط» أن الملتقط يدفعها إلى الإمام، قال في «المنتقى» : قال أبو يوسف والحسن: له أن يأمر غيره ويعطيها حتى يعرفها عنه إذا أعجز عن التعريف بنفسه، وإن مات في يده فلا ضمان على أحد في ذلك، ثم إذا دفعها إلى الإمام كان الإمام بالخيار، إن شاء قبل منه، وإن شاء لم يقبل، فإن قبل فهو بالخيار؛ إن شاء عجل تصدقها على الفقراء، وإن شاء أقرضها من رجل موثوق مليء، وإن شاء دفعها مضاربة، والحاصل أن الإمام نصب ناظم الفعل ما رآه أصلح في حق صاحب اللقطة.

وإذا ردها على الملتقط فالملتقط بالخيار إن شاء أمسكها وأدام الحفظ فيها حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>