وكذلك لو رجع أحدهما عن شهادته أنه أخ لأب وثبت على شهادته أنه أخ لأم ورجع الآخر عن شهادته أنه أخ لأم وثبت على شهادته أنه أخ لأب ضمن كل واحد منهما الربع مما صار في يده؛ لأنهما رجعا عن نصف الشهادة وثبتا على نصف الشهادة، والشاهدان في هذا على النسبين، فالفريقان إذا شهدا كل فريق على أحد النسبين سواء، ولو شهد كل فريق على نسب فإن شهد أحد الفريقين أنه أخوه لأبيه وشهد الفريق الآخر أنه أخوه لأمه، ثم رجع أحد الفريقين عن شهادتهم ضمن نصف المال كذا ههنا.
فإن قيل: إذا رجعا عن أحد النسبين ينبغي أن يضمنا جميع الميراث؛ لأنهما عند الرجوع صارا مقرين أنه ليس بوارث وأنهما أتلفا جميع المال بشهادتهما أنه وارث.
قلنا: إنهما لم يشهدا أنه وارث فقط، ولو شهدا أنه وارث لا تقبل شهادتهما، وإنما شهدا له بنسبين واستحق الميراث بهما، ثم رجعا عن أحدهما وثبتا على الآخر.
قال: ألا ترى أن رجلين لو شهدا على شهادة شاهدين بحق لرجل وقضى القاضي بشهادتهما، ثم رجعا عن شهادتهما على شهادة أحد الشاهدين وثبتا على شهادة الشاهد الآخر، إنهما لا يضمنان إلا نصف المال وقد زعما أن الشهادة التي ثبتا عليهما لا يستحق بها شيء.
رجل مات وترك أخوين لأم وأخاً لأب، فأعطى القاضي الأخوين لأم الثلث وأعطى الأخ لأب الثلثين، ثم ادعى رجل أنه أخوه لأبيه وأمه وشهد له شاهدان أنه أخوه لأمه وقال: شاهداي على النسب من الأب غائبان، فإن القاضي يقضي بأنه أخ لأم وله أن يدخل مع أخوته لأم؛ لأنه شريك في الميراث كله وهو يقول: قد ظلمني الأخ لأب حيث جحد حقي فلي أن أدخل مع الأخوة لأم، فإن قضى القاضي بذلك وأشركه مع الأخوين لأم ثم قدم الشاهدان الآخران فشهدا أنه أخ لأب، فإن القاضي يقضي بأنه أخ لأب وأم ويرجع الأخوة (١٦٦أ٤) من الأم على الأخ لأب بما أخذ منهم، فيستكمل الأخ لأب وأم الثلثين، فإن رجع الشهود بعد ذلك عن الشهادة فلا ضمان على الذي شهدا أنه أخ لأم؛ لأنه قد رجع إلى الإخوة من الأب مثل ما أخذ منهم ويضمن اللذان شهدا أنه أخ لأب جميع الثلثين للأخ لأب، لأنه إنما قضى به بشهادتهما، ولو كان أقام أولاً شاهدين أنه أخ لأب وقضى القاضي له بذلك وأخذ نصف ما في يد الأخ لأب ثم جاء بشاهدين أنه أخ لأم، وقضى القاضي بذلك وأخذ ما بقي في يد الأخ لأب ثم رجعوا جميعاً، فعلى كل فريق نصف الضمان.
[الفصل التاسع: في الرجوع عن الشهادة على الشهادة]
قال محمد في «الأصل» : وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين بحق لرجل ثم رجع الأصول والفروع جميعاً، قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا ضمان على الأصول وإنما