فإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ اشتراها المكاتب أخذ المولى بالقيمة، لأن بالعجز انفسخت الكتابة من الأصل فصار العلوق في التقدير في أمة المكاتبة فكان المولى مدعياً ولد أمة المكاتب، وقد صح تصديقها قبل العجز وصار كتصديق المكاتب بعد العجز.
وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ أشتراها المكاتبة فالولد لا يكون حراً؛ لأن العلوق ما كان في ملك المكاتب متعين فانعدم الغرور فلو أن المكاتب لم يعجز حتى أدى المكاتبة بدل الكتابة وعتق ثم عجزت المكاتبة وردت في الرق أو مات المكاتب عن وفاء ثم عجزت المكاتبة. فالجواب ما ذكرنا فيما إذا لم تعتق أنها إن جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر منذ ملكها المكاتب عتق الولد وما لا فلا لما ذكرنا أن الاعتبار للعلوق حالة قيام تأويل الملك ولو لم يكن شيء من ذلك ولكن عجز المكاتب أو مات عاجزاً فقد صار عبداً قناً للمولى وصارت المكاتبة للمولى مكاتبة للمولى وتبين أن المولى ادعى ولد مكاتبته وصدقته المكاتبة وقد مر الكلام فيه والله أعلم.
[الفصل التاسع في دعوى المكاتب الولد]
قال محمد رحمه الله في «الزيادات» : مكاتبان بينهما جارية جاءت بولد فادعياه ثبت نسبه منهما، أما ثبوت النسب؛ فلأن للمكاتب في كسبه حق الملك، وإنه يكفي لإثبات النسب كحقيقة الملك، وأما ثبوته منهما لتساويهما في سبب استحقاق النسب ويصير الولد مكاتباً معهما داخلاً في كتابتهما؛ لأنه ولد في حالة الكتابة والولد المولود في حالة الكتابة يكون مكاتباً تبعاً وتصير الجارية بمنزلة أم الولد وليس معناه أنها تستحق الحرية كأم ولد الحر؛ لأن للمكاتب لا يملك إيجاب حق الحرية في أكسابه ولكن معناه أنه يمتنع بيعها كما يمتنع بيع أم الولد الحر، وهذا لأن حق الأم في الاستيلاد تبع لحق الولد وقد تثبت حرمة البيع في حق الولد وسرى ذلك إلى الأم.
فإن أدى أحدهما بدل الكتابة عتق لوجود شرط العتق في حقه وهو الأداء وعتق نصيبه من الولد تبعاً له؛ لأنه داخل في كتابته وبقي نصيب الآخر مكاتباً مع الآخر عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن عند أبي حنيفة رحمه الله الإعتاق متجزىء ولا ضمان في الولد، أما على المكاتب المعتق؛ لأن العتق عند الأداء يقع من جهة المولى لا من جهة المكاتب، وبهذا كان الولاء للمولى، فلا يمكن إيجاب الضمان على المكاتب بسبب عتق يثبت من جهة المولى، وأما على المولى؛ لأن العتق من جهة المولى عند الأداء يثبت بإعتاق حكمي والضمان لا يجب بإعتاق حكمي. كما لو ورث ورثته ولو وجد من المولى بالإعتاق الحقيقي بأن أعتق ولد المكاتب حقيقة لا يجب الضمان أيضاً؛ لأنه لو وجب (وجب) للمكاتب وتعذر إيجابه للمكاتب، لأن المكاتب بعقد الكتابة يبتغي حرية الولد؛