والفرق: أن النكاح مما لا يحتمل الفسخ بسبب من الأسباب فلا ينفسخ بهلاك العبد قبل التسليم أو استحقاقه، ففي السبب الموجب لتسليم العبد وهو عاجز عن تسليمه فيجب تسليم قيمته، أما الإجارة تحتمل الفسخ بسائر أسباب الفسخ فتنفسخ بهلاك العبد قبل التسليم واستحقاقه أو يفسد، وإذا انفسخ أو فسد وجب رد المنافع وتعذر ردها صورة فيجب ردها معنى برد قيمتها.
[الفصل الخامس: في الخيار في الإجارة والشرط فيها]
ذكر الصدر الشهيد رحمه الله في «الفتاوى الصغرى» : إذا استأجر الرجل رجلاً ما نسيت ديك روبين تشايد ببدل معلوم ففعل ذلك بالعشرة وامتنع عن الباقي، قال: إن كان قد أراه القدور وقت الاستئجار تجبر على الباقي، وإن لم يره لا يجبر؛ لأن في الوجه الأول الإجارة قد صحت، وفي الوجه الثاني لم تصح لجهالة المعقود عليه.
وعلى هذا إذا استأجر رجلاً ما مست ريد سحي قالوا ففعل ذلك بالعشرة وامتنع عن الباقي، فهو على الوجهين اللذين ذكرنا.
وأصل هذه المسائل ما ذكر محمد في الإجارات: أن من شارط قصاراً على أن يقصر له عشرة أثواب ببدل معلوم ولم يره الثياب، ولم يكن عنده كان فاسداً، وإذا أراه الثياب كان جائزاً، وإذا سمى له جنساً من الثياب.
ذكر الشيخ الإمام شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله في «شرحه» : أن هذا نظير ما لم يرها يعني يكون فاسداً، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : أنه إن بالغ في بيان الصفة على وجه يصير مقدار عمله معلوماً فهو وإن أراه الثياب سواء فيجوز أن يكون ذلك شمس الأئمة في مسألة القدر والرند تنحى، كقوله في القصار فيتأمل عند الفتوى.
وفي «نوادر ابن سماعه» : عن أبي يوسف رحمه الله: قصار شارطه رجل على أن يقصر له ثوباً مروياً بينهم ورضي به القصار، فلما رأى القصار الثوب قال: لا أرضى به فله ذلك قال: وكذلك الخياط.
والأصل فيه أن كل عمل يختلف في نفسه باختلاف المحل يثبت فيه خيار الرؤية عند رؤية المحل وكل عمل لا يختلف باختلاف المحل لا يثبت فيه خيار الرؤية عند رؤية المحل والقصارة تختلف باختلاف المحل، وكذلك الخياطة فلأجل ذلك أثبتنا خيار الرؤية فيهما.
قال: ثمةولو استأجر رجلاً ليكتل له حنطة، فلما رأى الحنطة قال لا أرضى به فليس له ذلك، وكذلك إذا استأجر رجلاً ليحتجم له بدانق، ورضي به فلما كشف عن ظهره قال لا أرضى به فليس له ذلك لأن العمل هاهنا لا يختلف.