الأصل في نفقة الزوجات قوله تعالى:{اسكنوهن من حيت سكنتم من وجدكم}(الطلاق: ٦) وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: {اسكنوهن من حيث سكنتم وانفقوا عليهن من وجدكم} وقراءته لا بد وأن يكون مسموعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلّمفذل ذلك على وجوب النفقة، وقال عليه السلام:«أوصيكم بالنساء خيراً» إلى أن قال: «وإن لهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف» وقال عليه السلام لهند امرأة أبي سفيان: «خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف» والمعنى فيه أن المرأة محبوسة عند الزوج لمنفعة تعود إلى الزوج فيكون كفايتها في مال الزوج كالقاضي لما حبس نفسه لأعمال المسلمين كانت نفقته في بيت مال المسلمين، وكعامل الصدقات لما حبس نفسه لعمل المساكين استوجب كفايته في مالهم كذا ههنا.
ثم هذا الفصل يشتمل على أنواع:
النوع الأول في بيان من يستحق النفقة من الزوجات ومن لا يستحق
قال: إذا تزوج الرجل امرأة كبيرة فطلبت النفقة وهي في بيت الأب بعد، فلها ذلك إذا لم يطالبها الزوج بالنقلة، لأن النفقة مستحقة لها على الزوج لما ذكرنا من الدلائل، ولكل أحد يتمكن من المطالبة بحقه، وهذا لأن النفقة حق المرأة، والانتقال حق الزوج، فإذا لم يطالبها بالنقلة فقد ترك حقه وهذا لا يوجب بطلان حقها.
وقال بعض المتأخرين من أئمة بلخ: لا تستحق النفقة إذا لم تزف إلى بيت زوجها والفتوى على جواب «الكتاب» ، فإن كان الزوج قد طالبها بالنقلة فإن لم تمتنع عن الانتقال إلى بيت الزوج لها النفقة أيضاً، وأما إذا امتنعت عن الانتقال، فإن كان الامتناع لحق بأن امتنعت لتستوفي مهرها فلها النفقة لأن إيفاء المهر واجب على الزوج، ولها حق حبس نفسها عن الزوج إلى أن تستوفي المهر فإنما حبست نفسها بسبب فوات مهرها