فنقول: أهل الذبح من له ملة التوحيد دعوى واعتقاداً كالمسلم، أو دعوى لا اعتقاداً كالكتابي ويستوي أن يكون الكتابي حربياً، أو ذمياً لعموم قوله تعالى:{وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم}(المائدة: ٥) ، وذبيحة الأخرس حلال؛ لأنه عاجز عن التسمية بحكم الخرس، فيعتبر بالعجز بحكم الكتابي، وذبيحة الصبي الذي يعقل ويضبط حلال، وقوله يضبط معناه يضبط شرائط الذبح من فري الأوداج، وقوله يعقل تكلموا في معناه؛ قال بعض مشايخنا معناه يعقل التسمية، وقال بعضهم: معناه أن يعلم أن الحل بقطع الحلقوم، والأوداج.
[الفصل الثاني في صفة الذكاة]
اعلم بأن الذكاة نوعان؛ إجباري حالة القدرة، وذلك في اللبلة، وما فوق ذلك إلى اللحيين هذا هو لفظ «القدوري» ، وفي «الجامع الصغير» لا بأس بالذبح في الحلق كله أسفله وأوسطه وأعلاه، وفي «فتاوى أهل سمرقند» : قصاب ذبح الشاة في ليلة مظلمة، فقطع أعلى من الحلقوم، أو أسفل منه يحرم أكلها؛ لأنه ذبح في غير المذبح، هو الحلقوم، فإن قطع البعض، ثم علم يقطع مرة أخرى الحلقوم قبل أن يموت بالأول.
فهذا على وجهين: إما إن قطع الأول بتمامه، أو قطع شيئاً منه، ففي الوجه الأول: لا يحل، وفي الوجه الثاني: يحل.
وذكاة اضطراري إلى حال عدم القدرة، وهي الحرج في أي مكان كان، ثم في حالة القدرة إذا قطع الحلقوم والمري وأودجين فقد أتم الذكاة، وإن قطع الأكثر من ذلك حل أكله، واختلفت الروايات في تفسير ذلك؛ روى الحسن عن أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف الأول: أنه إذا قطع الثلاث من الأربعة أي ثلث ما قطع فقد قطع الأكثر، رجع أبو يوسف الأول أنه إذا قطع الثلاث من الأربعة أي ثلث ما قطع، فقد قطع الأكثر، رجع أبو يوسف عن هذا، وقال: يشترط قطع الحلقوم والمري، وأحد الودجين، وعن محمد: أنه يعتبر قطع الأكثر عن كل واحد من هذه الأشياء الأربعة.
وفيه أيضاً: أنه إذا قطع الحلقوم والمري، والكثير من كل ودجين يحل، وما لا فلا؛ قال مشايخنا: وهو أصح الجوابات، وإذا ذبح الشاة من قبل القفا، فإن قطع الأكثر من هذه الأشياء لا يحل، ويكره هذا الفعل؛ لأنه خلاف السنة، وفيه زيادة إيلام وإن نحر الشاة، أو ذبح الإبل جاز، لحصول ما هو المقصود، وهو تسييل الدم المسفوح، والسنه خلافه.