الدابة فلا ضمان عليه، لأنه غير متعدي في هذا الإمساك، فإن على رب الدابة أن يجيء فيقبضها، فلو أن المستأجر ساق الدابة ليردها على المؤاجر في منزله مع أنه ليس عليه الرد، وهلكت في الطريق فلا ضمان عليه، ولو ذهب المالك إلى بلد آخر، وذهب هذا الرجل بالدابة ليردها على المالك فهلكت في الطريق كان عليه الضمان ويصير بالإخراج عن البلدة غاصباً.
ولو استأجرها من موضع مسمى إلى موضع مسمى يذهب عليها ويجيء، فإن على المستأجر أن يرده إلى الموضع الذي استأجرها فيه، وهذا الشرط معتبر وهو بمنزلة بيان مكان الإيفاء في السلم، فإن ذهب بها إلى منزله وأمسكها ضمن إذا هلكت؛ لأنه متعدي في الذهاب بها إلى منزله.
ولو قال: اركبها إلى موضع كذا، وارجع إلى منزلي فليس على المستأجر أن يردها إلى المكان الذي استأجرها فيه، وعلى الآجر أن يأتي منزل المستأجر ويقبضها منه.
وفي «المنتقى» : استأجر دابة وردها إلى المنزل المستأجر وأدخلها مربطها فربطها أو أغلق عليها فلا ضمان عليه، يعني إذا هلكت أو ضاعت، كل شيء يفعل بها صاحبها إذا ردت عليه، فإذا فعل المستأجر يبرأ ولو أدخلها دار صاحبها أو أدخلها مربطها ولم يربطها، ولم يغلق عليها فهو ضامن يعني إذا هلكت أو ضاعت وستأتي بعض هذه المسائل في فصل إجارة الدواب.
[الفصل الرابع عشر: في تجديد الإجارة بعد صحتها والزيادة فيها]
وإذا زاد الآجر والمستأجر في المعقود عليه أو المعقود به، فهذا على وجهين: إن كانت الزيادة مجهولة لا تجوز الزيادة سواء كانت الزيادة من الآجر أو من المستأجر، وإن كانت الزيادة من جنس ما أجر أو من خلاف جنس ما أجر، وإن كانت الزيادة من جانب المستأجر إن كانت من جنس ما استأجر لا يجوز؛ لأنه تمليك منفعة بمنفعة من جنسها وإنه باطل عندنا، وإن كانت من خلاف جنس ما استأجر يجوز؛ لأنه تمليك منفعة بمنفعة بخلاف جنسها وإنه جائز.
ذكر شيخ الإسلام هذه الجملة في «شرح كتاب الصلح» إبراهيم عن محمد استأجر من آخر أرضاً بأكرار حنطة فزاد رجل المؤاجر كراً فأخذه المؤاجر منه فذهب المستأجر الأول فزاده كراً أيضاً، وجدده الإجارة فالإجارة هي الثانية وانفسخت الأولى مقتضى تجديد الثانية، وذكر هذه المسألة عن أبي يوسف.
ووضعها فيما إذا زاد المستأجر الأول على المستأجر الثاني في الأجر وسلمها رب الدار الأول بهذه الزيادة، وبالأجر الأول، وذكر أن الإجارة الأولى لا تنتقض وهذه زيادة زادها في الأجر، وحاصل الجواب أن صاحب الدار إذا جدد الإجارة تنتقض الأولى، وإذا لم يجدد لا تنتقض الأولى، وتكون الثانية زيادة.