رجل واحد، فكأن كل امرأة قائمة مقام نصف رجل، فإذا كانت المرأة ثلاثاً والرجل واحد، فكأنه شهد رجلان ونصف رجل، ثم رجع رجل ونصف رجل، ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا رجعوا جملة فهذه الصورة كان الضمان على الرجل و (المرأتين) أخماساً والله (١٦٠أ٤) أعلم.
[الفصل الثالث: في الرجوع عن الشهادة في النكاح]
إذا ادعت المرأة نكاحها على رجل، وأقامت على ذلك بينة، وقضى القاضي بالنكاح بينهما، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنه ينظر إلى مهر مثلها وإلى المسمى، فإن كان مهر مثلها مثل المسمى الذي شهد به الشهود أو أكثر من المسمى، فإنهما لا يضمنان للزوج شيئاً؛ لأنهما أوجبا المهر بعوض يعدله إن كان مهر مثلها مثل المسمى، وبعوض يزيد عليه إن كان مهر مثلها أكثر من المسمى، والإيجاب بعوض يعدله لا يوجب على الشاهد شيئاً.
فإن قيل: منافع البضع كيف تصلح عوضاً عن المهر، وإن المهر عين مال، ومنافع البضع ليست بعين مال؟ (بدليل أنه يثبت الحيوان ديناً في الذمة بدلاً عنها) قلنا: منافع البضع حالة الدخول في الملك أعطي لها حكم المال شرعاً، بدليل أن الشرع جوز للأب أن يزوج ابنه الصغير امرأة بمهر مثلها من مال الصغير، والوالد لا يملك إزالة ملك الصغير إلا بعوض يعدله، ألا ترى أنه لو خالع ابنته الصغيرة بمالها لم يجز، وإن كان المسمى مثل مهر مثلها، فلما جوز الشرع للأب النكاح لابنه الصغير علمنا أن منافع البضع اعتبرت مالاً عند الدخول في الملك، فصلحت عوضاً هذا إذا كان مهر مثلها مثل المسمى أو أكثر.
أما إذا كان مهر مثلها أقل من المسمى، بأن كان مهر مثلها ألفاً والمسمى ألفين، فإنهما يضمنان ألف درهم للزوج؛ لأنهما أتلفا على الزوج قدر ألف درهم من غير عوض.
قال: وإن ادعى رجل على امرأة النكاح، وأقام على ذلك بينة، والمرأة جاحدة، فقضى القاضي عليها بالنكاح بالبينة، ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان للمرأة سواء كان المسمى مثل مهر مثلها أو أكثر أو أقل، وكان ينبغي أن يضمنا لها ألف درهم؛ لأنهما أتلفا الزيادة على المسمى من منافع بضعها بغير عوض من حيث الحكم، وإتلاف منافع البضع حقيقة بغير عوض يوجب الضمان. كما قالوا في المجنون: إذا أكره المرأة فزنى بها فإنه يجب العقر، فكذلك الإتلاف من حيث الحكم، يجب أن يوجب الضمان،