العين فوجب التضحية بهذه العين، فسقط الوجوب بهلاكه؛ أما الوجوب على الغني فبإيجاب الشرع، والشرع لم يوجب التضحية بهذه العين، فلا يسقط الوجوب بهلاكه.
وإذا اشترى أضحية وباعها حتى جاز البيع في ظاهر رواية أصحابنا، ثم اشترى مثلها، وضحى بها، فإن كانت الثانية مثل الأولى أو خير منها جاز، ولا يلزمه آخر، وإن كانت الثانية شراً من الأولى، فعليه أن يتصدق بفضل الثمنين؛ قال شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : من أصحابنا من قال: هذا إذا كان الرجل فقيراً (١٥١أ٢) فأما إذا كان غنياً ممن يجب (عليه) الأضحية، فليس عليه أن يتصدق بفضل القيمة؛ لأن في حق الغني الوجوب عليه بإيجاب الشرع، فلا يتعين بتعينه في هذا المحل.
ألا ترى أنها لو هلكت بقيت الأضحية عليه، فإذا كان ما ضحى به محلاً صالحاً لم يلزمه شيء آخر، وأما الفقير، فليس عليه أضحية شرعاً، وإنما لزمه بالتزامه في هذا المحل بعينه، ولهذا لو هلكت لم يلزمه شيء آخر، فإذا استفضل لنفسه شيئاً مما التزمه كان عليه أن يتصدق به؛ قال الشيخ: والأصح عندي أن الجواب فيهما سواء؛ لأن الأضحية، وإن كانت واجبة على الغني في ذمته، فهو متمكن من تعيين الواجب في المحل، فيتعين بتعيينه في هذا المحل من حيث قدر المالية؛ لأنه تعيين، وإن كان لا معنى من حيث فراغ الذمة.
رجل أوجب على نفسه عشر أضحيات؛ قالوا: لا يلزمه إلا اثنان؛ لأن الأمر جاء بالاثنين؛ هكذا ذكر في «النوازل» قال الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» : والظاهر أنه يجب؛ لأنه أوجب على نفسه ما لله تعالى من جنسه واجب، في «الحاوي» : ذكر هشام في «نوادره» عن محمد: إذا نذر ذبح شاة لا يأكل منها الناذر، ولو أكل فعليه قيمة ما أكل.
وفي «أضاحي» الزعفراني: إذا قال: لله علي أن أضحي شاة في أيام النحر، فإن كان موسراً، فعليه أن يضحي بشاتين؛ إلا أن يعني بالإيجاب، وما يجب عليه؛ لأن النذر إيجاب، والإيجاب ينصرف إلى غير الواجب ظاهراً.
ألا ترى أن من قال: لله تعالى عليَّ حجة كان عليه حجتان: حجة الإسلام، وما أوجبه على نفسه إلا إذا عني بالإيجاب ما هو واجب عليه؛ كذا ههنا، فإن كان فقيراً فعليه شاة، فإن أيسر كان عليه شاتان؛ ما أوجب بالنذر وما أوجب عند اليسار كذا ههنا.
[الفصل الثالث في وقت الأضحية]
وقت الأضحية ثلاثة أيام؛ اليوم العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر من ذي الحجة، فإذا غربت الشمس من اليوم الثاني عشر لا تجوز الأضحية بعد ذلك، وأفضلها أولها.