قال محمد في «الأصل» : إذا أصاب السهم، فوقع على السطح أو على الأرض من الهواء أو مات، فإنه يؤكل، وإذا وقع على السطح أو على الجبل، ثم وقع على الأرض لا يؤكل؛ لأنها متردية، والمتردية حرام لجواز أن يكون (١٤٧ب٢) التردي قتله، والأصل أنه متى دخل على الصيد لعل وعسى لا يؤكل، وههنا دخل لعل وعسى لجواز أن يكون التردي قتله، ولو وقع على شيء ومات، فإن كان ذلك الشيء قبل الأرض لا يقتل كالسطح، والآجر المبسوطة يؤكل، وإن كان يقتل منه مثل حد الرمح والقصبة المنصوبة وحد الآجر لا يؤكل؛ لأنه يحتمل أنه قتيل الرمح، والآخر، والاحتراز عنه ممكن، فيجب اعتباره بخلاف ما لو سقط على الأرض حيث يؤكل إن احتمل أنه مات بسبب السقوط على الأرض؛ لأن الاحتراز عن السقوط على الأرض غير ممكن، فيسقط اعتباره، وإذا سقط اعتبار السقوط على الأرض سقط اعتبار السقوط على ما هو بمعنى الأرض قالوا: وهذا إذا كانت الجراحة التي أصابت الصيد جراحة يجوز أن يسلم الصيد منها بأن أصاب رجله أو يده؛ أما إذا كانت جراحة لا يجوز أن يسلم منها إن بقي فيه من الحياة مقدار ما يبقى في المذبوح بعد الذبح كالاضطراب ونحوه؛ لا يحرم بالإجماع؛ لأنه يعلم أنه قتيل الجراحة لا قتيل التردي، وإن بقي فيه من الحياة أكثر من ذلك؛ مقدار ما يعيش نصف يوم أو أكثر؛ لا يحرم عند محمد، وعند أبي يوسف يحرم.
وإذا رمى طائراً ووقع في الماء؛ إن كان الطير مائياً، والجراحة فوق الماء، يعلم قطعاً أنه قتيل الجراحة لا قتيل الماء؛ لأنه يفلس في الماء، وإن كانت الجراحة تحت الماء، أو في صيد الذي فوق الماء، أو تحته يحتمل أن يكون الموت بسبب الماء هنا في الوجوه التي ذكرنا في فصل التردي من الذي يجوز أن يسلم، ويجوز أن لا يسلم من الاتفاق والاختلاف، وذكر شيخ الرسلام المسألة على هذا الوجه في «شرحه» ، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في «شرحه» إن الطير إذا وقع في الماء؛ لا يؤكل برياً كان أو مائياً، فيتأمل عند الفتوى، ومن شرائطه أن يموت قبل أن يصل الصائد إليه؛ حتى يكون حله بلا شبهة وخلاف، فإنه لو وصل إليه الصائد، وهو حي ففيه كلمات على ما يأتي بيانها بعد هذا إن شاء الله.
ومن شرائطه أن يكون متنفراً متوحشاً، ولا يكون ألفاً كالدواجن من الوحوش.
[الفصل السادس فيما لا يقبل الذكاة من الحيوان، وفيما يقبل]
وإذا أرسل كلبه إلى صيد، فجرحه الكلب؛ ثم وصل إليه صاحبه وهو حي، أو رمى سهماً إلى الصيد فأصابه فوصل إليه صاحبه وهو حي، فهذه المسألة على وجهين: إن لم يتمكن من الذبح؛ إن كان عدم التمكن لفقد الآلة، فلذلك لا يحل إلا بالذبح؛ قال شيخ الإسلام في «شرحه» وقد روي في غير رواية «الأصول» عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أنه يحل، وإن كان عدم التمكن لضيق الوقت بأن بقي فيه من الحياة مقدار ما لا يتأتى فيه الذبح.