[الفصل الثالث والعشرون: في الصرف في المعادن وتراب الصواغين]
ويدخل فيه الاستئجار ولتخليص الفضة والذهب من تراب المعادن ذكر الشعبي رضي الله عنه أنه قال: لا خير في بيع تراب الصواغين، وهذا عندنا إذا لم يعلم هل فيه شيء من الذهب أو الفضة أولاً، فإن علم وجود ذلك فباعه بقرض أو بجنس أخر جاز عندنا.
واعلم بأن تراب الصواغين أو المعادن لا يخلو عن أربعة أوجه: أما إن كان تراب ذهب، وفي هذا الوجه إن بيع بذهب وفضة لا يجوز، وإن بيع بفضة لا يجوز، وأما إن كان تراب فضة، وفي هذا الوجه إن بيع بفضة أو بفضة وذهب لا يجوز، وأما إن بيع بذهب يجوز، أما إن كان تراب ذهب وفضة، وفي هذا الوجه إن بيع بذهب أو بفضة لا يجوز، وإن بيع بذهب وفضة يجوز، ويصرف الجنس إلى خلاف الجنس، وأما إن كان لا يدرى أن فيه ذهب أو لا يدرى أن فيه كلاهما أو إحداهما، وفي هذا الوجه لو بيع بذهب وفضة لا يجوز، وكذلك إذا بيع بذهب وفضة.
وإذا احتفر الرجل موضعاً في المعدن ثم باع ملك الحفرة، فبيعه باطل؛ لأنه باع ما لا يملك؛ لأنه ما احتفر هذا المكان ليملك رقبته لهما احتفره ليملك ما فيه بخلاف ما لو احتفر حفيرة في أرض موات بأمر الإمام؛ لأن احتفاره كان ليملك رقبة هذا المكان فقد باع ما يملك.
وإذا كان للرجل على رجل دين فأعطاه به تراباً بعينه يداً بيد، فإن كان الدين فضة وأعطاه تراب الفضة لم يجز؛ لأنه لو باع تراب الفضة بالفضة لم يجز فكذا إذا قضى الدين على هذا الوجه.
فرق بين هذا وبين ما ذكر في كتاب الصلح: إذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين، فأعطاه الغريم دراهم مجهولة الوزن على سبيل الصلح، فإنه يجوز استحساناً فقد جوز هذا التصرف على وجه الصلح ولم يجوزه على وجه القضاء، وإن أعطاه تراب ذهب جاز؛ لأنه لو باعه تراب ذهب بفضة جاز كذا هاهنا.
ولو اشترى تراب ذهب بتراب ذهب أو اشترى فضة بتراب فضة لا يجوز، ولو اشترى تراب ذهب بتراب فضة أو على العكس يجوز، وكل واحد منهما بالخيار إذا رأى ما فيه.
وإذا استقرض الرجل من الرجل تراب ذهب أو تراب فضة قائماً عليه مثل ما خرج من التراب؛ لأنه هو المقصود ويكون القول (قول) المستقرض في مقدار ما خرج، ولو استقرضه على أن يعطيه تراباً مثله لا يجوز؛ لأنه يكون بيع فضة بفضة مجازفة، وإنه لا يجوز لما يتوهم فيها من الربا.