للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعالم وكان كون القاضي في أرض كذا في الوقت الذي شهد الشهود بإقامة الحد فيه ظاهر مستفيض عرفه كل صغير وكبير وعالم وجاهل فح لا يقضي بكون الشاهد محدوداً في قذف، ويقضي على المشهود عليه بالمال، وذلك لأن بينة ... المشهود عليه بالحد على ما أقامها قائمة على النفي فصار وجودها وعدمها بمنزلة، فبقي بينة المشهود له بالمال على كونه محدوداً في قذف، وإنها قائمة على الإثبات إلا أن البينة وإن قامت على الإثبات فإنه يثبت كذب الشاهد فيما شهد

به بيقين.

كرجل ادعى عبداً في يد إنسان ادعى أنه ملكه منذ عشر سنين وشهد الشهود بذلك، والعبد طفل رضيع، فإن الشهادة لا تقبل وإن قامت على الإثبات؛ لأنها كاذبة، بيقين فكذا هنا عرف القاضي كذب هذه الشهادة بيقين لما ثبت عنده موت هذا القاضي قبل الوقت الذي شهدوا بإقامة الحد فيه بيقين، وثبت كونه في أرض كذا في الوقت الذي شهدوا بإقامة الحد فيه.

فرق بين هذا وبينما إذا شهد شاهدان أن فلاناً طلق امرأته يوم النحر بمكة، وشهد آخران أنه أعتق عبده في ذلك اليوم بعينه بالكوفة، فإن القاضي لا يقضي بواحدة من البينتين، وها هنا لو شهد شاهدان على الشاهد أن قاضي الكوفة حده يوم النحر من سنة كذا بالكوفة، وأقام المشهود عليه بينة أنه يوم النحر من سنة كذا تلك السنة كان بمكة، فإن القاضي يقضي ببينة الحد ولا يلتفت إلى البينة الأخرى.

والفرق بينهما أن كلتا البينتين في مسألة الطلاق والعتاق قامت في محلها، فإن كل واحدة منهما قامت على الإثبات، فكانت كل واحدة من البينتين معارضة للأخرى وإحداهما كاذبة وليست إحداهما بأن تجعل صادقة والأخرى كاذبة، بأولى من الأخرى، فتهاترتا فأما هاهنا بينة المشهود عليه على الموت والبينة قامت على النفي باعتبار المقصود، وإنها على النفي ليست بحجة، فصار وجودها وعدمها بمنزلة ولو عدم وجب القضاء بالأولى؛ لأنه لا معارض لها، فكذا هاهنا.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمه الله: رجل ادعى داراً في يدي رجل وأقام على ذلك شهوداً، وأقام المشهود عليه شهوداً أن هذا الشاهد كان مدعياً ويزعم أنها له، فهذا جرح إن عدلت بينته بذلك، وكذلك لو أقام بينة أن الشاهد كان يدعي الشركة فيها.

[الفصل الثاني والعشرون: فيما ينبغي للقاضي أن يضعه على يدي عدل وما لا يضعه]

وإذا ادعت المرأة الطلاق على الزوج وجاءت بشاهد واحد، وطلبت من القاضي أن يضعها على يدي عدل حتى تأتي بالشاهد الآخر ينظر إن كان الطلاق رجعياً لا يحول بينها وبين الزوج؛ لأن الطلاق رجعي لا يزيل النكاح، ألا ترى أنه لو أقامت شاهدين على

<<  <  ج: ص:  >  >>