يمكنه أن يقول: ما علمت له وارثاً آخر حال ما شهدت، ثم علمت بعد ذلك.
ذكر في «دعوى المنتقى» : دار في يدي رجل ادعى رجل أنها بينه وبين الذي في يديه نصفان ميراثاً عن أبيه وجحد ذلك الذي هو في يده وادعى أن كلها له فجاء المدعي بشهود شهدوا أن هذه الدار كانت لأب المدعي فلان، مات وتركها ميراثاً له خاصة لا وارث له غيره قال: إن لم يدع المدعي أن النصف خرج إلى الذي الدار في يده بسبب من قبله فشهادة شهوده باطلة، وإن قال: كنت بعت نصيبها بألف درهم لم يصدقه القاضي على البيع ولم يجعله مكذباً لشهوده وقضى له بنصف الدار ميراثاً عن أبيه وإن أحضر بينة على أنه باع النصف من المدعى عليه بألف درهم، أو أنه صالحه من الدار على أن يسلم له النصف منها قبلت بينته على ذلك، وقضى بالدار كلها ميراثاً للمدعي من الوالد وقضى بنصف الدار بيعاً من المدعى عليه إن كان ادعى البيع، وكان للمدعي على المدعى الثمن، وإن كان أقام البينة على الصلح أبطلت الصلح أو ردت الدار كلها إلى المدعي، لأنه لم يأخذ للنصف عوضاً والله أعلم.
[الفصل التاسع: في الشهادة على الشهادة]
الأصل إن كل ما يثبت بشهادة النساء مع الرجال يثبت بالشهادة على الشهادة؛ لأن الشهادة على الشهادة نظير شهادة النساء مع الرجال؛ لأن المتمكن في الشهادة على الشهادة تهمتان تهمة الكذب في الأصول وتهمة الكذب في الفروع، والمتمكن في شهادة النساء مع الرجال تهمتان أيضاً، تهمة الكذب بسبب عدم الصحة وتهمة الضلال والنسيان، فكانا نظيرين إلا أن الشهادة على الشهادة إنما تقبل حالة العجز عن شهادة الأصول وشهادة النساء مع الرجال تقبل مع القدرة على شهادة الرجال؛ لأن شهادة الفروع بدل من كل وجه لأن الفرع لا يعاين سبب الحق إنما عاينه الأصل، وأما شهادة النساء نظير شهادة الرجال من حيث معاينة سبب الحق وإنما البدلية من حيث الصورة فلهذا افترقا.
وإنما يقع العجز عن شهادة الأصول بأحد أسباب ثلاث: أما بمرض الأصول مرضاً لا تستطيع الحضور معه مجلس الحكم، أو بغيبة الأصول غيبة سفر هكذا، قال صاحب «الأقضية» والشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، والشيخ القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي، والشيخ الإمام شيخ الإسلام خواهر زاده رحمهم الله.
وعن أبي يوسف رحمه الله: أن الأصل إذا كان في موضع لو حضر مجلس الحكم وشهد لا يمكنه البيتوتة في أهله أجازت الشهادة على شهادته، وإن أمكنه البيتونة في منزله لا يجوز الشهادة على شهادته؛ لأن الشاهد في هذه الصورة لايكلف بالحضور مجلس