عليه السلام «لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل» يورث شبهة عدم الجواز، والكفارة تدرأ بالشبهات.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : إذا أكل أو شرب أو جامع في نهار رمضان ناسياً، وظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك متعمداً، فلا كفارة عليه، وإنما لم تجب الكفارة لمكان الشبهة، والشبهة نوعان: شبهة اشتباه بالنظير، وهو أن يجد لما ظن، واشتبه عليه نظير أو شبهة حكمية، وقد وجد لما اشتبه نظيراً، وهو الأكل حالة العمد؛ لأن أكل الناسي ينافي الإمساك في الظاهر كأكل العامد، وكذلك وجدت الشبهة الحكمية، فإن الصوم قد فسد بالأكل الأول عند أهل المدينة، وإنه قياس غير مهجور، فصار شبهة في الاستحسان.
وعن أبي حنيفة: أنه إن بلغه الحديث لزمه الكفارة؛ لأنه علم أن القياس متروك، فلا يعتبر القياس سبباً للشبهة في حقه، وفي رواية أخرى عنه لا تلزمه الكفارة على كل حال، وهو الصحيح.
وإذا احتجم، فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك متعمداً، فإن لم يستفت أحداً، ولا بلغه الخبر الوارد في هذا الباب، أو بلغه، وعرف نسخه، فعليه الكفارة، وإن لم يبلغه النسخ، أو استفتى أحداً ممن يؤخذ منه الفقه، ويعتمد على فتواه، فأفتي أن صومه فاسد، فلا كفارة عليه؛ لأن على العامي العمل بفتوى المفتي، فإذا فعل كان ذلك موزوراً فيما صنع، وإن كان المفتي مخطئاً فيما أفتى،
وإذا ذرعه القيء فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك متعمداً، فلا كفارة عليه لوجود شبهة الاشتباه بالنظير، فالقيء والمقيوء سواء، وإذا اكتحل، فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك متعمداً، فعليه الكفارة لانعدام الشبهتين، ولو أوصى بالفطر فلا كفارة عليه وإذا قبل امرأته أو مسها، فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك متعمداً، فلا كفارة عليه لوجود الاشتباه، فإن له نظيراً، وهو الفعل في حالة التيقظ والله أعلم.
[الفصل العاشر في المجنون والمغمى عليه، والصبي يبلغ، والنصراني يسلم، والحائض تطهر، ومن بمعناهم]
قال محمد رحمه الله: إذا جن (في) رمضان كله، فليس عليه قضاؤه، وإن أفاق شيئاً لزمه قضاء ما مضى، ولم يذكر ما إذا أفاق في الليلة الأولى، ثم أصبح مجنوناً، واستوعب الشهر كله، وذكر في «المجرد» عن أبي حنيفة أنه يلزمه القضاء، وكذا ذكر