فإن ماتت من الولادة، وبقي ولدها، فعلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه؛ ضمن الغاصب جميع قيمتها، وعلى قولهما ضمن نقصان الحبل خاصة؛ هكذا ذكر «القدوري» .
وفي «المنتقى» عن محمد: أن الجارية تقوم غير حامل ولا زانية، وتقوم وهي حامل وزانية فيرجع بفضل ما بينهما.
ولو حبلت عند الغاصب من زوج قد كان لها في يد المولى، فلا ضمان على الغاصب في ذلك بحال؛ لأن ذلك من تسليط المولى الزوج عليه، فأشبه فعل المولى. ولو أحبلها المولى بنفسه في يد الغاصب؛ لا ضمان على الغاصب في ذلك كذلك ههنا، ولو حمت في يد الغاصب ثم ردها على المولى، فماتت في يد المولى من الحمى التي كانت في يد الغاصب؛ لم يضمن إلا ما نقصها الحمى؛ لأن الموت إنما يحصل بزوال القوى، وذلك بترادف الآلام، فلم يكن الموت حاصلاً بسبب كان في ضمان الغاصب، وإنما الحاصل في ضمانه نقصان الحمى، فيضمن قدر نقصان الحمى لهذا.
ولو غصب جارية محمومة أو حبلى بها جراح، أو مرض، فماتت من ذلك في يد الغاصب، فهو ضامن قيمتها، وبها ذلك المرض.
ولو قتل العبد المغصوب في يد الغاصب قتيلاً، حراً، أو عبداً، أو جنى جناية فيما دون النفس يخير المولى إن شاء دفع أو فداه ويرجع على الغاصب بالأقل من قيمته، ومن أرش الجناية، وإن استهلك مالاً، وخوطب الولي بالبيع أو الفداء رجع بالأقل من قيمته، ومما إذا عمت به من الدين.
وإن غصبه، وقيمته ألف درهم، فصار قيمته بعد ذلك ألفي درهم، ثم قتله قاتل في يد الغاصب، فالمولى بالخيار؛ إن شاء ضمن الغاصب قيمته يوم الغصب ألف درهم، فرجع الغاصب على القاتل بألفي درهم، ويتصدق بالألف الزائد، وإن شاء ضمن القاتل قيمته يوم القتل ألفي درهم، ولا يرجع القاتل على الغاصب بشيء.
ولو قتل العبد نفسه في هذه الصورة ضمن الغاصب قيمته يوم الغصب ألف درهم، ولا يضمن قيمته يوم القتل؛ لأن قتل الإنسان نفسه لا يتعلق به حكمه، فصار كموته.
[الفصل الثالث عشر في غاصب الغاصب ومودع الغاصب]
يخير المالك بين تضمين الغاصب، وبين تضمين غاصب الغاصب، وكذا يخير بين تضمين الغاصب، وبين تضمين مودع الغاصب؛ لأن كل واحد منهما متعدٍ في حقه، فإن أراد المالك أن يضمن كل واحد نصف قيمة المغصوب، فله ذلك؛ ذكر شيخ الإسلام في باب الرهن؛ يوضع على يدي عدل.
وإذا ضمن المالك أحدهما إما الغاصب، وإما غاصب الغاصب، أو مودعه يبرأ الآخر عن الضمان، وأما إذا اختار تضمين أحدهما ولم يضمنه بعد، هل يبرأ عن