للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمان؟ فيه روايتان، وفي بعض النسخ برىء الآخر عند أبي حنيفة ومحمد خلافاً لأبي يوسف، وإن ضمن الغاصب الثاني، فالغاصب الثاني لا يرجع على الأول، وإن ضمن مودع الغاصب إن لم يعلم المودع بكون المال غصباً؛ رجع بما ضمن على الغاصب المودع، وإن علم ذلك ذكر شيخ الإسلام أنه لا يرجع، وذكر شمس الأئمة الحلواني أن فيه شبهة اختلاف الرواية.

في «المنتقى» ابن سماعة عن محمد: إذا اختار المغصوب منه تضمين الغاصب الأول، ورضي به الغاصب الأول، أو لم يرضَ إلا أن القاضي قضى له بالقيمة على الأول، فليس له أن يرجع عن ذلك ويضمن الثاني، فإن اختار تضمين الأول، فلم يعطه الأول شيئاً، وهو معدم، فالقاضي يأمر الأول بقبض ماله من الثاني، ويدفع ذلك إلى المغصوب منه، فإن أبى الأول ذلك، فمولى العبد إذا أحضر مما قبلت منه البينة على الغاصب الثاني للغاصب الأول حتى يوجد ذلك من الثاني فيقبضه المغصوب منه، قال: وهذا بمنزلة رجل له على رجل دين، وللمطلوب على رجل آخر دين.w

وفيه أيضاً: ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في رجل غصب من آخر عبداً، فقتله قاتل في يد الغاصب، فاختار المالك تضمين أحدهما لا سبيل على الآخر، وقال أبو يوسف: له أن يضمن الآخر ما لم يقض القيمة من الذي اختار تضمينه؛ قال: فإن أبرأ الغاصب، فهو بريء، ولا يرجع عليه بعد الإبراء بشيء، وإن أبرأ القاتل، فله أن يعود فيما أبرأه منه، ويأخذ منه قيمة عبده؛ لأن ذلك يؤخذ منه على كل حال.

ألا ترى أن المولى إذا أبرأ القاتل كان للغاصب أن يضمن القاتل، ولو أبرأ الغاصب على أنه إن لم يأخذ القيمة من القاتل يرجع على الغاصب، فله أن يعود ويضمنه.

عن ابن سماعة: أنه كتب إلى محمد رحمه الله في رجل غصب من آخر عبداً، وقتله في يده قاتل خطأ، واختار المولى اتباع الغاصب بنصف قيمة العبد حالاً، واتباع عاقلة القاتل بنصف القيمة مؤجلاً له ذلك.

غاصب الغاصب، ومودع الغاصب يبرأان بالرد على المالك، وكذا يبرأان بالرد على الغاصب؛ إلا رواية عن أبي يوسف، وكذلك إن كان المودع صبياً محجوراً.

وكذلك إن كان رب الوديعة صبياً أو عبداً؛ لأن المسقط للضمان في حق المودع رده إلى من أخذ منه، وذلك متحقق، وإن كان المستودع رده إلى السابق بأمر الغاصب؛ كان للمغصوب منه أن يضمنه؛ لأن في الفصل الأول إنما برىء عن الضمان؛ لأنه رده إلى من أخذه منه (١٢١ب٢) فانفسخ حكم فعله، وههنا ما رده إلى من أخذه منه إنما رده على غيره، وذلك سبب للضمان، فلهذا افترقا.

في «فتاوى أبي الليث» : غصب رجل من رجل مالاً، فغصب ذلك المال غريم للمغصوب منه؛ قال أبو نصر: كان نصر يقول يبرأ الغاصب الأول، وكان محمد بن سلمة يقول: المغصوب منه بالخيار؛ قال الصدر الشهيد رحمه الله: وهو المختار على ما يأتي

<<  <  ج: ص:  >  >>