القول قوله، وهي وقف عليهما هو المختار؛ لأنهما تصادقا على أنها كانت في يد أبيهما فلا ينفرد أحدهما باستحقاقها إلا بالحجة.
[الفصل السادس: في الولاية في الوقف]
ذكر هلال رحمه الله: إذا وقف الرجل أرضه، ولم يشترط الولاية لنفسه ولا لغيره إن الوقف جائز والولاية للواقف، وهكذا ذكر الخصاف في وقفه. قال هلال: وقد قال قوم: إن الواقف لو شرط الولاية لنفسه كانت الولاية له، وإن لم يشترط فلا ولاية له، قال مشايخنا: الأشبه أن يكون هذا قول محمد؛ لأن من أصله أن التسليم إلى القيم شرط صحة الوقف، فإذا سلم لا يبقى له ولاية، وجه هذا القول: أن ولايته كانت بحكم الملك وبالوقف أزال ملكه فتزول ولايته، وجه ما ذكر هلال: أن الواقف أقرب الناس إلى هذا الوقف فيكون أولى بولايته، ألا ترى أن المعتق أولى الناس بالمعتق؛ لأنه أقرب إليه؟
وفي «فتاوي أبي الليث» إذا وقف أرضاً وسلمها (٧ب٣) إلي المتولي ثم أراد أن يأخذها منه، فإن كان شرط في الوقف أن له العزل والإخراج من يد المتولي فله ذلك، وإن لم يكن شرط ذلك، فعلى قول أبي يوسف: له ذلك، وعلى قول محمد: ليس له ذلك بناء على ما قلنا.
واذا كان الوقف على الفقراء وشرط الواقف الولاية لنفسه، وكان هو منهما غير مأمون على الوقف، فللقاضي أن ينزعها من يده؛ لأن القاضي نصب ناظراً للفقراء لكل من عجز عن النظر لنفسه بنفسه، وبالوقف زال ملكه وثبت الحق فيه للفقراء، فإذا كان متهماً كان للقاضي أن يخرجه نظراً للفقراء كما له أن يخرج الوصي نظراً للصغار.
وكذلك لو ترك العمارة وفي يده من غلته ما يمكنه أن يعمره فالقاضي يجبره على العمارة، فإن فعل وإلا أخرجه من يده.
ولو شرط الواقف ولايتها لنفسه وأن ليس للسلطان ولا للقاضي أن يخرجها من يده ويوليها غيره، فهذا الشرط باطل؛ لأنه مخالف لحكم الشرع؛ لأن الشرع أطلق للقاضي إخراج من كان متهماً دافعاً للضرر عن الفقراء.
ولو جعل الواقف ولاية الوقف لرجل، كانت الولاية له كما شرط الواقف، ولو أراد الواقف إخراجه كان له ذلك، ولو شرط الواقف أن ليس له إخراج القيم فهذا الشرط باطل؛ لأنه مخالف لحكم الشرع؛ لأن القوامة وكالة والوكالة ليست بلازمة، ولو جعل إليه الولاية في حال حياته وبعد وفاته كان جائزاً فكان وكيلاً في حال حياته وصياً بعد الموت، ولو قال: وليتك هذا الوقف فإنما له الولاية حال حياته لا بعد وفاته.H
ولو قال: وكلتك بصدقتي هذه في حياتي وبعد وفاتي فهو جائز، وهو وكيله في حياًته ووصيه بعد وفاته.