على الاستيفاء، والفرق: أن الإشهاد على القسمة لا يتضمن إقرار القبض جميع الحق، فيصير متناقضاً بعد ذلك أنه لم يقبض بعض حقه.
في «المنتقى» : ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله: دار بين رجلين قسمها القاضي بينهما، فقال أحدهما لصاحبه: الذي في يدي هو الذي أصابك، والذي في يدك لي، وقال الآخر: لا بل الذي في يدي هو الذي أصابني، قال: لكل واحد منهما ما في يده، ولا يصدق على صاحبه.
وفيه أيضاً إبراهيم عن محمد: رجلان بينهما دارين ميراثاً من أبيهما، قال كل واحد منهما لصاحبه: لك هذه الدار، ولي الأخرى على أن كل واحد منهما مئة أذرع، فإذا أحدهما مئة ذراع فلهما أن يبطلا القسمة، ولو قال كل واحد منهما لصاحبه: بعتك نصيبي من هذه الدار بنصيبك من الدار الأخرى على أن كل واحد منهما مئة ذراع أو أكثر جاز؛ لأن هذا بيع والأول قسمه، والله أعلم.
[الفصل الثاني عشر: في المهايأة]
يجب أن يعلم بأن المهايأة قسمة المنافع، وإنها جائزة في الأعيان المشتركة التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، واجبة إذا طلبها بعض الشركاء، ولم يطلب الشريك الآخر قسمة الأصل، وإنها قد تكون بالزمان وقد تكون بالمكان.
وتكلم العلماء في كيفية جوازها بعضهم قالوا: إن جرت المهايأة في الجنس الواحد، والمنفعة متفاوتة تفاوتاً يسيراً كما في الثياب والأراضي، يعتبر إقراراً من وجه، مبادلة من وجه، حتى لا ينفرد أحدهما بهذه المهايأة، وإذا طلبها أحدهما ولم يطلب الآخر قسمة الأصل أجبر الآخر عليها.
وإن جرت في الجنس المختلف كالدور والعبيد يعتبر مبادلة من كل وجه، حتى لا يجوز من غير رضاهما، وهذا لما ذكرنا أن المهايأة قسمة المنافع، فيعتبر بقسمة الأعيان وقسمة العين اعتبر مبادلة من كل وجه في الجنس المختلف، واعتبرت مبادلة من وجه، إقراراً من وجه في الجنس الواحد من الأعيان المتفاوتة تفاوتاً يسيراً كالثياب حتى لا ينفرد أحدهما بهذه القسمة؛ لأنها ليست من ذوات الأمثال، ولكن إذا طلب أحدهما أجبر الآخر عليه؛ لأن التفاوت يسير، فكذا في قسمة المنافع.
وبعضهم قالوا: بأن المهايأة في الجنس الواحد من الأعيان المتفاوتة تفاوتاً يسيراً يعتبر إقراراً من وجه، عارية من وجه، كأن ما يستوفيه كل واحد منهما من المنافع بعضه نصيبه، وبعضه نصيب صاحبه عارية له من صاحبه، ولا تعتبر مبادلة بوجه ما حجّة هذا القائل: أن المهايأة جائزة في الجنس الواحد، ولو كانت مبادلة من وجه لما جازت في الجنس الواحد؛ لأنه يكون مبادلة المنفعة بجنسها، وإنه يحرم ربا النساء؛ لأن لكل واحد