غائباً وقت إقامة البينة على مودعه، أما إذا كان حاضراً كانت مقبولة فيما تقدم كإقامة البينة على المقر له، وهنا المقر له كان حاضراً وقت إقامة المدعي البينة.
قلنا: المقر له وإن كان حاضراً وقت إقامة البينة على الذي كان العبد في يده حقيقة هنا لكنه غائب حكماً، لأنه ليس بخصم للمدعي وقت إقامة البينة؛ لأنه لم يكن للمقر له في العبد لا ملك ولا حق، ولم يثبت له زيادة خصوصية بهذا العبد من بين سائر الأجانب، وهو كونه بحال لو أقام شاهداً واحداً يقضى له، فصار غائباً حكماً بخلاف ما تقدم، لأن ثمة إن لم يكن للمقر له حقيقة الملك ولا حق الملك بإقامة الشاهد الواحد، لكن له زيادة خصوصية في هذا العبد من سائر الأجانب، لأنه صار بحال يستحق هذا العبد بإقامة شاهد واحد، وكانت خصومته معتبرة وقت إقامة المدعي البينة على مودعه، فكان حاضراً حقيقة واعتباراً بخلاف ما نحن فيه على ما مر.
فإن قال المدعي فهو غير المقر له أنا أعيد شهودي على المقر له، هل يقبل بينته؟ فهذا على وجهين:
إن كان ذلك قبل القضاء بينة المقر له قبلت بينة المدعي؛ لأنه لم يصر مقضياً عليه، ثم يقضي له بجميع العبد؛ لأنه لما أعاد البينة فقد أراد اليد عن الخصومة، ورضي بنفاذ إقراره واستأنف الخصومة، مع المقر له على ما مر، فتقررت يد المقر له واجتمع بينة الخارج وبينة ذي اليد، فكانت بينة الخارج أولى بالقبول.
[الفصل الثلاثون: في بيان من يشترط حضرته لسماع الخصومةوالبينة وحكم القاضي وما يتصل بذلك]
إذا استحق العبد من يد مشتريه بالملك المطلق، وقضى القاضي بالعبد للمستحق، وقصر يد المشتري عن العبد، ورجع المشتري على بائعه بالثمن، فأقام البائع البينة أن هذا العبد نتج في ملكي من أمتي، وإن القضاء للمستحق وقع باطلاً، وليس لك حق الرجوع علي بالثمن، قبلت بينته إذا أقامها بحضرة المستحق.
إليه أشار في «السير الكبير» في آخر باب صاحب الساق وإنما قبلت بينته؛ لأنه بهذه البينة يدفع استحقاق الثمن، فكان خصماً في إقامتها فقبلت بينته.
وكذلك إذا أقام البائع البينة على أن هذا العبد نتج في ملك بائعي من أبيه قبلت بينته إذا أقامها بحضرة المستحق لما قلنا.
فإن قيل: كيف يقبل بينة البائع في هاتين الصورتين وإن البائع صار مقضياً عليه بالقضاء على المشتري لما مر أن القضاء بالملك المطلق على ذي اليد قضاء عليه، وعلى من تلقى ذو اليد الملك من جهته.
قلنا: نعم، البائع صار مقضياً عليه ولكن بالملك المطلق لا بالنتاج، والبائع هنا لا يقيم البينة على الملك المطلق، وإنما يقيم البينة على النتاج، والمقضي عليه بجهة إنما لا يقبل بينته في الجهة التي صار مقضياً عليه، لا في جهة أخرى، ألا ترى أن من ادعى دابة