ولو هلكت العين في يد الأجير من غير صنعة ومن غير أن يحبسه بالأجر، فإن كان لعمله أثر في العين كالحمال والمكاري لا يسقط الأجر، والفرق أن العمل الذي له أثر في العين بمنزلة العين المعقود عليه والبدل في مقابلته فصار كالمبيع يهلك قبل التسليم، أماما لا أثر له في العين ليس هناك عين معقود عليه، وإنما يصير الحمال يوماً المعقود عليه حالاً فحالاً فإذا انتهى إلى المكان المشروط فقد أوفى العمل بتمامه فلا يسقط أجره بهلاك العين بعد ذلك.
في «فتاوى أبي الليث» : نساج نسج ثوب رجل فذهب به إليه وطلب منه أن يقبض منه الثوب ويعطيه الأجر، فقال له صاحب الثوب: اذهب إلى منزلك حتى إذا رجعنا من الجمعة ضرب إلى منزلي ووفرت عليك الأجر فاختلس الثوب من يد النساج في الرجعة، قال: إن كان الحائك دفع الثوب إلى صاحب الثوب ولو ذهب به لم يكن الحائك يمنعه من ذلك، فإن دفع إلى الحائك على وجه الرهن هلك الثوب بالأجر كما هو حكم الرهن.
وإن دفع إليه على وجه الوديعة هلك على الأمانة والأجر على حاله، لأنه سلم العمل إلى صاحب الثوب فتقرر عليه الأجر، وإن كان في الابتداء أو أراد صاحب الثوب أن يذهب بالثوب لم يكن يدعه النساج ولذلك تركه صاحب الثوب عنده فقد اختلف العلماء فيه، قال بعضهم: يضمن، وقال بعضهم: لا وهي مسألة الأجير المشترك إذا هلكت العين في يده من غير صنعة.
وفي «المنتقى» : حائك عمل ثوباً لرجل فتعلق الآخر ليأخذه فأبى الحائك أن يدفعه حتى أخذ الأجر فتخرق من يد صاحبه لا ضمان على الحائك، وإن تخرق من يدهما فعلى الحائك نصف ضمان الخرق.
وفي (١٥ب٤) القدوري: استأجر حمالاً ليحمل له حملاً إلى بلد فحمله، فقال له صاحبه: أمسكه عندك فامسكه فهلك لا ضمان عليه بلا خلاف لأنه ليس له حق الحبس، فإذا قال: امسكه كان أمانة في يده وهلاك الأمانة في يد الأمين لا يوجب الضمان عليه، ولو كان هذا قصاراً فأمره بإمساكه يعني ليوفر الأجر فهلك فهو على الاختلاف، وعلى قياس مسألة النساج يجب أن تكون هذه المسألة على التفصيل أيضاً.
[الفصل الثالث: في الأوقات التي يقع عليها عقد الإجارة]
إذا استأجر داراً شهراً بأجر معلوم أو استأجرها منه أو كل شهر، فابتداء المدة من حين العقد وهذا الجواب لا يشكل فيما إذا استأجرها كل شهر، لأن الإجارة تناول الأبد