فلا بد وأن يدخل الشهر من حين وقع عقد الإجارة، وإنما يشكل ما إذا استأجرها شهراً واحداً فإنه عين الإجارة الشهر الذي يلي العقد، وهما سميا شهراً منكراً لا شهراً معيناً، فالجواب الشهر الذي يلي العقد يعين بدلالة الحال أو بمقتضى مطلق العقد.
أما بدلالة الحال فإن الظاهر من حال العاقل الذي أن يقصد بتصرفه الصحة، ولن تصح الإجارة أو لم يعين الشهر الذي يليها لأنه تكون الإجارة عل شهر لا بعينه.
وأما بمقتضى مطلق العقد يوجب حكمه للحال كبيع العين المطلق، وحكم الإجارة وقوع الملك للمستأجر في المنفعة، وإنما يقع الملك في منفعة الدار للحال إذا تعين الشهر الذي يلي الإجارة، وإذا تعين الذي يلي الإجارة ينظر إن وجدت الإجارة في الوقت الذي يهل فيه الهلال يعتبر الشهر بالهلال، لأن الهلال أصل في الشهر والأيام كالبدل، وقد أمكن اعتبار الأصل فلا يصار إلى البدل.
وإن وجدت الإجارة في وسط الشهر يعتبر الشهر بالأيام لأنه تعذر اعتبار الأصل فيعتبر البدل هذا إذا وقعت الإجارة على شهر واحد، وإن وقعت الإجارة على كل شهر وكان ذلك في وسط الشهر يعتبر الشهر الذي يلي العقد بالأيام، وكذلك كل شهر بعد ذلك بلا خلاف.
أما عند أبي حنيفة فلأن عنده العبرة بالأيام إذا أوقعت الإجارة في وسط الشهر، وإن كان أجر المدة وأولها معلومة بأن استأجرها أشهراً مسماة عشرة أو ما أشبه ذلك أو استأجرها سنة، فإذا لم يكن أجر المدة معلوماً أولى.h
وأما عند أبي يوسف ومحمد إنما يعتبر الشهر الأول بالأيام ويكمل من آخر المدة وما بعد ذلك بالهلال إذا كان آخر المدة معلوماً حتى أمكن إكمال الأول بأجره وهاهنا آخر المدة مجهولة فلا يمكن إكمال الأول بالآخر فيجب إكماله من الشهر الثاني.
وإن وقعت الإجارة على اثني عشر شهراً أو ما أشبه ذلك من الأشهر المسماة وكانت الإجارة في وسط الشهر، فعلى قول أبي حنيفة تعتبر جميع الأشهر بالأيام، وعلى قول أبي يوسف ومحمد يعتبر الشهر الأول بالأيام ويكمل من الشهر الأخير وباقي الشهور بالأهلّة.
فوجه قولهما أن في الشهر الأول والآخر اعتبار ما هو الأصل، وهو الهلال غير ممكن فلا يعتبر، وفيما عدا ذلك أمكن اعتبار الأصل فيعتبر.
وأبو حنيفة قال: كالعذر اعتبار الهلال في الشهر الأول تعذر اعتباره في الشهر الثاني والثالث، لأن الشهر الأول يجب إكماله من الشهر الثاني لأنه متصل به، وإذا وجب إكمال الشهر الأول من الشهر الثاني انتقص الشهر الثاني فيجب إكماله من الشهر الثالث، لأنه متصل به وثم وثم إلى آخر المدة، فقد تعذر اعتبار الهلال في جميع المدة فيعتبر بالأيام.
روى الحسن بن زياد عن أبي يوسف: في رجل استأجر منزلاً كل شهر بثلاثة دراهم مثلاً، قال: في قياس قولي الإجارة فاسدة لكني استحسن إن أجرها في أول شهر، فأما