قال الحاكم أبو الفضل: أراد بقوله: في قياس قولي القياس على ما إذا اشترى كل قفيز من هذا الطعام بدرهم، فإنه على جميع الطعام عندهما وعمل كلمة كل في الشمول والإحاطة.
فالقياس: أن يعمل كلمة كل منهما في الشمول والإحاطة ويتناول جميع الشهور، إلا أنها لو تناولت جميع الشهور فسد العقد، لأن جميع الشهور محمولة ولكن استحسن، وقال: يجوز العقد في الشهر الأول نصف اللزوم، لأنه لا جهالة فيه ولا مزاحم له، وفيما عدا ذلك يثبت العقد بطريق الإضافة، وفي العقد المضاف لكل واحد من المتعاقدين فسخ العقد، فإذا لم يفسخ حتى دخل الشهر الثاني لزم العقد فيه.
وفي «الأصل» : إذا استأجر الرجل من آخر داراً كل شهرة بعشرة دراهم، فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز ولكل واحد منهما أن ينقض الإجارة في رأس الشهر فإن سكن يوماً أو يومين لزمه الإجارة في الشهر الثاني: واختلفت عبارة المشايخ في تخريج المسألة بعضهم قالوا: أراد بقوله جائز أن الإجارة في الشهر الأول جائزة فأما فيما عدا ذلك من الشهور فالإجارة فاسدة لجهالة المدة، إلا أنه إذا جاء الشهر الثاني ولم يفسخ كل واحد منهما الإجارة في رأس الشهر جازت الإجارة في الشهر الثاني، لأن الشهر الثاني صار كالشهر الأول.
وبعضهم قالوا: لا بل الإجارة جائزة في الشهر الثاني والثالث كما جازت في الشهر الأول، وإطلاق محمد رحمه الله في «الكتاب» : يدل عليه، وإنما جازت الإجارة فيما وراء الشهر الأول، وإن كانت المدة مجهولة لتعامل الناس من غير نكير منكر، وإنما يثبت الخيار لكل واحد منهما رأس الشهر كل شهر، وإن كانت الإجارة جائزة فيما زاد على الشهر الأول لنوع ضرورة.
وبيانها: أن موضوع الإجارة أن لا يزيل الرقبة عن ملك المؤجر ولا يجعلها ملكاً للمستأجر، ومتى لم يثبت الخيار لكل واحد منهما رأس الشهر لزوال رقبة المستأجر عن ملك المؤجر، يعني لأنه لا يملك سكناها ولا بيعها ولا هبتها أبد الدهر لأنه لا نهاية لحد الشهور.
وهذا لا يجوز فلهذه الضرورة يثبت لكل واحد منهما الخيار بين الفسخ والمضي في رأس كل شهر، وإن كانت الإجارة جائزة في الشهر فيما زاد على الشهر وكان ينبغي أن يثبت هذا الخيار في كل ساعة ليزول المعنى الذي ذكرنا إلا أنا لو أثبتنا ذلك لا تفيد الإجارة فائدتها لأن كل واحد من المتعاقدين يمتنع عن الإجارة مخافة الفسخ فلهذه الضرورة تأخر الفسخ إلى رأس الشهر، لأنه بهذا القدر تصير الإجارة منعقدة وليس ما وراء الشهر من الأوقات بعد ذلك بعضها بأولى من البعض فيثبت الخيار رأس كل شهر لهذه الضرورة.
والثابت ضرورة والثابت شرطاً سواء، ولو شرطا الخيار رأس كل شهر تأخر الفسخ